سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٢٥١
قال محمد بن إبراهيم البوشنجي: ذكروا أن المعتصم ألان (1) في أمر أحمد لما علق في العقابين، ورأى ثباته (2) وتصميمه وصلابته، حتى أغراه أحمد بن أبي دواد، وقال: يا أمير المؤمنين، إن تركته، قيل: قد ترك مذهب المأمون، وسخط قوله، فهاجه ذلك على ضربه.
وقال صالح: قال أبي: ولما جئ بالسياط، نظر إليها المعتصم، فقال: ائتوني بغيرها، ثم قال للجلادين: تقدموا، فجعل يتقدم إلي الرجل منهم، فيضربني سوطين، فيقول له: شد، قطع الله يدك! ثم يتنحى ويتقدم آخر، فيضربني سوطين، وهو يقول في كل ذلك: شد، قطع الله يدك! فلما ضربت سبعة (3) عشر سوطا، قام إلي، يعني: المعتصم، فقال: يا أحمد، علام تقتل نفسك؟ إني والله عليك لشفيق، وجعل عجيف ينخسني بقائمة سيفه، وقال: أتريد أن تغلب هؤلاء كلهم؟ وجعل بعضهم يقول: ويلك! إمامك (4) على رأسك قائم.
وقال بعضهم: يا أمير المؤمنين، دمه في عنقي، اقتله، وجعلوا يقولون: يا أمير المؤمنين، أنت صائم، وأنت في الشمس قائم! فقال لي: ويحك يا أحمد، ما تقول؟
فأقول: أعطوني شيئا من كتاب الله أو سنة رسول الله أقول به. فرجع وجلس. وقال للجلاد: تقدم، وأوجع، قطع الله يدك، ثم قام الثانية، وجعل يقول: ويحك يا أحمد. أجبني. فجعلوا يقبلون علي، ويقولون:
يا أحمد، إمامك على رأسك قائم! وجعل عبد الرحمن يقول: من صنع من أصحابك في هذا الامر ما تصنع؟ والمعتصم يقول: أجبني إلى شئ (لك) (5)

(1) في " تاريخ الاسلام ": " لاين ".
(2) في " تاريخ الاسلام ": " ثبوته ".
(3) في " تاريخ الاسلام ": " تسعة: بدل " سبعة ".
(4) في " تاريخ الاسلام ": " الخليفة ".
(5) الزيادة من " تاريخ الاسلام ".
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»