سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ١٦١
بها عذري على الناس، نزل فأمر برجلين وامرأة، ممن كان تكلم بالفاحشة في عائشة، فجلدوا الحد (1).
قال: وكان رماها ابن أبي، ومسطح، وحسان، وحمنة.
الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، قال: دخل حسان بن ثابت على عائشة يشبب (2) بأبيات له فيها، فقال:
حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثى من لحوم الغوافل (3) قالت: لست كذاك. فقلت: تدعين مثل هذا يدخل عليك، وقد أنزل الله تعالى: * (والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم) * [النور: 11]. قالت:
وأي عذاب أشد من العمى. ثم قالت: كان يرد عن (4) النبي صلى الله عليه وسلم (5).

(١) إسناده صحيح، فقد صرح ابن إسحاق بالتحديث، وأخرجه عبد الرزاق في " المصنف " برقم (٩٧٤٩)، وأبو داود (٤٤٧٤) وابن ماجة (٢٥٦٧) كلاهما في الحدود: باب حد القذف.
والترمذي (٣١٨١) في التفسير وحسنه.
(٢) التشبيب: التغزل، يقال: شبب الشاعر بفلانة: إذ ا عرض بحبها وذكر حسنها، والمراد ترقيق الشعر بذكر النساء، وقد يطلق على إنشاء الشعر وإنشاده، وإن لم يكن فيه غزل، كما وقع في حديث أم معبد: فلما سمع حسان شعر الهاتف شبب يجاوبه، أي: ابتدأ في جوابه.
(٣) تزن: أي: ترمى، وقوله: غرثى، أي خميصة البطن، يريد أنها لا تغتاب أحدا. وهي استعارة فيها تلميح بقوله تعالى في المغتاب: (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا). والغوافل:
جمع غافلة، وهي العفيفة الغافلة عن الشر.
(٤) تحرفت في مطبوعة دمشق إلى " على ".
(٥) أخرجه البخاري ٧ / ٣٣٨ في المغازي: باب حديث الإفك و ٨ / ٣٧٣، ٣٧٤، في التفسير، ومسلم (٢٤٨٨) في فضائل الصحابة: باب فضائل حسان بن ثابت. وكون حسان على ظاهر هذه الرواية هو الذي تولى كبره مشكل، فقد تقدم أنه عبد الله بن أبي ابن أبي سلول، وهو المعتمد، قال الحافظ: وقد وقع في رواية أبي حذيفة، عن سفيان الثوري عند أبي نعيم في " المستخرج ": وهو ممن تولى كبره، فهذه الرواية أخف إشكالا.
تنبيه: وقع في الأصل خطأ في الآية، فقد جاء فيه " أليم " بدل " عظيم " وأبقاه الأستاذ الأبياري كما هو ولم يصلحه مع أنه خرج الآية.
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»