سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ١٦٢
ابن إسحاق: حدثني محمد بن إبراهيم التيمي، قال: كان صفوان بن المعطل قد كثر عليه حسان في شأن عائشة، وقال يعرض به:
أمسى الجلابيب قد عزوا وقد كثروا وابن الفريعة أمسى بيضة البلد (1) فاعترضه صفوان ليلة وهو آت من عند أخواله بني ساعدة، فضربه بالسيف على رأسه، فاستعدوا (2) عليه ثابت بن قيس، فجمع يديه إلى عنقه بحبل، وقاده إلى دار بني حارثة. فلقيه ابن رواحة، فقال: ما هذا؟ فقال:
ما أعجبك إنه عدا على حسان بالسيف، فوالله ما أراه إلا قد قتله. فقال:
هل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما صنعت به؟ فقال: لا. فقال: والله لقد اجترأت، خل سبيله، فسنغدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنعلمه أمره، فخلى سبيله، فلما أصبحوا، غدوا على النبي صلى الله عليه وسلم، فذكروا له ذلك. فقال: أين ابن المعطل؟ فقام إليه، فقال: ها أنا ذا يا رسول الله. فقال: ما دعاك إلى ما صنعت؟ قال: آذاني يا رسول الله، وكثر علي، ولم يرض حتى عرض بي في الهجاء، فاحتملني الغضب، وها أنا ذا، فما كان علي من حق، فخذني به. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ادعوا لي حسان بن ثابت " فأتي به. فقال: " يا

(١) أراد بالجلابيب: سفل الناس، وابن الفريعة: كنية حسان، والفريعة أمه، وبيضة البلد: يضرب مثلا في العزة أو الذلة، والثاني هو المراد هنا.
قال الأزهري في التهذيب ٢ / 85: ومعنى قول حسان: إن سفلة الناس عزوا بعد ذلتهم، وكثروا بعد قلتهم. وابن الفريعة الذي كان ذا ثروة وثراء، فقد أخر عن كريم شرفه وسؤدده، واستبد بالامر دونه، فهو بمنزلة بيضة البلد التي تبيضها النعامة، ثم تتركها بالفلاة فلا تحضنها، فتبقى تريكة بالفلاة.
(2) أي: استنصروه واستعانوا به، من العدوي: وهي النصرة والمعونة وفي الأصل: فتعدوا.
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»