الكاشف في معرفة من له رواية في كتب الستة - الذهبي - ج ١ - الصفحة ٥٠
لم يتكلم فيه العلماء، وكان الكلبي يتكلم فيه ". فآل كلامه إلى كلام أبي حاتم. ويلاحظ أنه ليس في كلامهم تصريح بالتوثيق.
وأما ابن حبان رحمه الله: فقد اشتهر أنه يوثق المجاهيل ومن يقول فيه: لا أعرفه، ولا ابن من هو، ولا، ولا، وهذا هو مرادهم بقولهم: يوثق المجهول عينا الذي لم يرو عنه إلا راو واحد.
وأقول: نعم، ولكن بشرط أن لا يكون في هذا المجهول العين تضعيف، لأن ابن حبان لا يرى الجهالة جرحا، ويرى أن الأصل في المسلم العدالة والبراءة والسلامة من أي جرح، حتى يثبت عليه ما يجرحه، وغير ابن حبان يرى أن الأصل في المسلم الجهالة حتى يثبت فيه ما يجرحه أو يعدله.
فالتعديل عند ابن حان يثبت بأحد أمرين:
- بالقول: كأن ينقل عن شعبة مثلا: فلان ثقة.
- وبالبراءة الأصلية.
وإذا كانت الجهالة العينية قد ارتفعت برواية واحد مشهور عن هذا الراوي، فلم يبق إلا البحث عن عدالته، وعدالته ثابتة بالبراءة الأصلية، فلا حاجة إذا إلى شئ آخر عند ابن حبان، إنما الحاجة عند غير ابن حبان إلى البحث عما يرفع جهالة عدالته.
وابن خزيمة مع ابن حبان في ارتفاع جهالة العين برواية واحد مشهور، لكنه مع الجمهور في ضرورة البحث عن عدالته، والعدالة لا تثبت عنده بالبراءة، بل لا بد من نص عليها.
هذا تقرير قولهم عن ابن حبان.
قال الحافظ في مقدمة " لسان الميزان " 1: 14: " مسلك ابن حبان في كتاب " الثقات " الذي ألفه أنه يذكر خلقا ممن نص عليهم أبو حاتم وغيره أنهم مجهولون، وكأن عند ابن حبان أن جهالة العين ترتفع برواية واحد مشهور، وهو مذهب شيخه ابن خزيمة، ولكن جهالة حاله باقية عند غيره " أي: عند غير ابن حبان، أما ابن خزيمة فمع الجمهور.
ويلاحظ قول الحافظ: كأن عند ابن حبان...، فظاهره أنه يقول هذا وينسبه إلى ابن حبان اجتهادا منه، وكلام السخاوي في " فتح المغيث " 1: 294 يؤيد ذلك.
وكلامه في مقدمة " الثقات " صريح في هذا، قال رحمه الله 1، 13: ".. إن العدل من لم يعرف فيه الجرح، (إذ التجريح (1) ضد التعديل، فمن لم يعلم بجرح فهو عدل، إذا لم يبين ضده، إذ لم يكلف الناس من الناس معرفة ما غاب عنهم، وإنما كلفوا الحكم بالظاهر ".
فجعل العدالة مرتكزة على أمر سلبي، هو: عدم وجود شئ جارح فيه، في حين أنه جعلها مرتكزة على أمر إيجابي في مقدمة " صحيحة "، هو التزامه في غالب شؤونه بأحكام الإسلام أمرا ونهيا، فعلا وتركا.
قال رحمه الله هناك 1: 83: ".. والعدالة في الإنسان: هو أن يكون أكثر أحواله طاعة الله، لأنا متى
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست