الكاشف في معرفة من له رواية في كتب الستة - الذهبي - ج ١ - الصفحة ٤٥
ويكون للذهبي رحمه الله في عبارته (مشاه فلان): وجهتان:
الأولى - وهي الغالبة -: الإشعار بتوثيق خفيف قيل في الرجل.
الثانية - وهي الأقل -: الإشعار بخفة التوثيق الذي قيل في الرجل، عنده، والله أعلم.
23 - ومن ألفاظ الذهبي: قوله في الرجل - على قلة -: مقبول. قال ذلك في إسحاق بن عبيد الله بن أبي مليكة، وإسماعيل بن عبيد الزرقي ولفظه فيه: " مقبول ولم يترك "، وليس فيه أي جرح ليقول: ولم يترك؟! وحاله أحسن بكثير من حال الأول، فليس في الأول شئ إلا رواية جمع عنه، والاختلاف في أن ابن حبان ذكره أو ذكر آخر مثله في الاسم واسم الأب، أما الثاني: فذكره ابن حبان في " ثقاته "، وخرج حديثه في " صحيحه "، وكذلك الحاكم في " مستدركه " وصححه، وقال الترمذي عن الحديث نفسه: حسن صحيح، وهذا يقوي من شأنه وإن كان لم يرو عنه إلا واحد، كما تقدم الكلام عن هذه المسألة ص 24 في الجواب عن الأمر الثاني. ولينظر: هل يفسر قوله هذا بكلامه الآتي ص 54 بواسطة القاضي زكريا الأنصاري؟.
ومهما يكن ففي تسوية الحكم على الرجلين بالقبول: نظر. وينبغي التنبيه إلى أنه ليس للذهبي اصطلاح في كلمة (مقبول) كما هو الشأن في " تقريب التهذيب ".
24 - ومن الألفاظ الواردة في " الكاشف ": شيخ.
جعل ابن أبي حاتم رحمه الله مراتب الجرح والتعديل في كتابه " الجرح " 2: 37 ثمانية مرتب، أربعا للتعديل، ومثلها للتجريح.
فالأولى من مراتب التعديل: التوثيق الصريح، والثانية: الصدوق، ونحوه، والثالثة: شيخ، والرابعة:
صالح الحديث.
وقال عن أهل الثانية: " يكتب حديثه وينظر فيه "، وقال عن الثالثة: " يكتب حديثه وينظر فيه إلا أنه دون الثانية "، وقال عن الرابعة: " يكتب حديثه للاعتبار ". ومراده من " النظر ": الموازنة بين مرويات من كان من أهل هذه المرتبة، ومرويات أهل المرتبة التي قبلها، هل هناك مخالفة أولا؟ ثم يكون العمل بها.
فأفاد أن أهل الثانية والثالثة يكتب حديثهم للاحتجاج به بعد النظر، بقرينة قوله عن الرابعة: " يكتب حديثه للاعتبار ". نعم، هناك احتجاج دون احتجاج، ونظر دون نظر.
وبهذا يتبين أن كلمة " شيخ ": من ألفاظ التعديل الخفيف، لكنها فوق كلمة " صالح الحديث " كما هو صريح صنيع ابن أبي حاتم، مع أنه قد استقر كلام المتأخرين من عهد السخاوي فمن بعده على أن " شيخ " و " صالح الحديث " من ألفاظ المرتبة السادسة الأخيرة من مراتب التعديل، لكن من المعلوم أنهم يذكرون في المرتبة الواحدة ألفاظا بينها بعض التفاوت اليسير.
وأرى أن " شيخ " مثل " محله الصدق " فهي للدلالة على التعديل لا التليين ولا التمتين، والمصنف - وغيره - قد يجمع بينهما، كما قال في " الميزان " 4 (9936) عن أبي إدريس السكوني مستدركا على تجهيل
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست