الكاشف في معرفة من له رواية في كتب الستة - الذهبي - ج ١ - الصفحة ٤٤
ويبدو أن غالب استعمالاته لهذه الكلمة يكون للدلالة على أن كلمة التوثيق التي قيلت فيه من التوثيق الخفيف اليسير، فابن عدي قال في إبراهيم الأسلمي 1: 222، 226: " لم أجد له منكرا إلا عن شيوخ يحتملون، ولعله من قبل غيره، وهو من جملة من يكتب حديثه ".
وقال في الحسين بن زيد بن علي 2: 762: " أرجو أنه لا بأس به إلا أني وجدت في بعض حديثه النكرة ".
وقال في درست بن زياد 3: 969: " أرجو أنه لا بأس به ".
ولفظ النسائي في الحجاج بن أبي زينب: " ليس بالقوي " كما في " الميزان " 2 (1736)، و " تهذيب التهذيب " 2: 201.
وقول شعبة في إسماعيل بن يعلى الثقفي: " اكتبوا عنه فإنه شريف ". وكلمة (شريف) من ألفاظ التعديل الخفيف، بل أرى الآن: أنها بمثابة قولهم: " مستور " على المعنى الذي تقدم الحديث عنه ص 40، وكنت ذكرت بعض الشواهد على ذلك في دراسة " التقريب " ص 7 تعليقا، ومنها كلمة شعبة هذه، وأزيد الآن:
ما جاء في " الميزان " 2 (3660) وغيره: " قيل لابن المبارك: إن شبيب بن شيبة المنقري يدخل على الأمراء! قال: حدثوا عنه، فإنه أشرف من أن يكذب ".
وفي " سنن الترمذي " 7: 276 (2614): " سمعت قتيبة بن سعيد يقول: ما رأيت مثل هؤلاء الأشراف الأربعة: مالك بن أنس، والليث بن سعد، وعباد بن عباد المهلبي، وعبد الوهاب الثقفي ".
وفي التهذيبين ترجمة عثمان بن عاصم الأسدي، قال يعقوب بن سفيان: " حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن أبي حصين، أسدي، شريف، ثقة ثقة، كوفي ".
والشاهد من هذا: أن تمشية شعبة لحال إسماعيل الثقفي: من هذا القبيل.
هذا ما يتعلق بغالب قول الذهبي: مشاه فلان، وأنه يريد الإشارة إلى تعديل خفيف يسير قيل في الرجل، وقد يكون فيه مغمز يسير من جهة ضبطه، كقوله: مشاه النسائي، وإنما قال فيه: ليس بالقوي، وهذا " مشعر أنه غير حافظ " - انظر التعليق على (152) - فمثل هذا يقرب حاله من حال من يقول فيه ابن عدي:
أرجو أنه لا بأس به.
لكن يبقى السؤال: لم قال فيه: مشاه النسائي، وفيه قول ابن معين: " ليس به بأس "، وقول ابن عدي:
" أرجو أنه لا بأس به فيما يرويه "، كما في التهذيبين؟.
وإنما أكرر القول بأن هذا غالب استعمال الذهبي لهذه الكلمة: من أجل كلامه في عون بن أبي شداد: " ضعفه أبو داود في قول، ومشاه غيره "، ثم أفصح عن هذا الغير وقوله فقال: " وقال ابن معين:
ثقة ". وتوثيق ابن معين - وهو من المتشددين - لا يقال عنه: تمشيه.
إنما أفهم من قوله هنا " مشاه ": موقف الذهبي من توثيق ابن معين لهذا الرجل، وأنه - عند الذهبي - لا يغنيه ولا يفيده قوة، فهو في هذه الحال ميال لعدم توثيق الرجل.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست