" ما يجلسك معهن؟ " فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم هبته، واختلطت، قلت: يا رسول الله: جمل لي شرد، فأنا أبتغي له قيدا، فمضى واتبعته، فألقى إلي رداءه، ودخل الأراك (1)، كأني أنظر إلي بياض متنه في خضرة الأراك. فقضى حاجته وتوضأ، فأقبل والماء يسيل من لحيته على صدره - أو قال: يقطر من لحيته على صدره - فقال:
أبا عبد الله، ما فعل شراد جملك؟ ثم ارتحلنا فجعل لا يلحقني في المسير إلا قال: السلام عليك أبا عبد الله، ما فعل شراد ذلك الجمل؟ فلما رأيت ذلك تعجلت إلى المدينة. واجتنبت المسجد والمجالسة إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فلما طال ذلك علي (2)، تحينت ساعة خلوة المسجد، فأتيت المسجد فقمت أصلي، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض حجره فصلى ركعتين خفيفتين، وطولت رجاء أن يذهب ويدعني، فقال: طولها أبا عبد الله ما شئت أن تطول، فلست قائما حتى تنصرف! فقلت في نفسي: والله لاعتذرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبرئن صدره، فلما انصرفت، قال (ظ): السلام عليك أبا عبد الله ما فعل شراد ذلك الجمل؟ فقلت: والذي بعثك بالحق، ما شرد ذلك الجمل منذ أسلم. فقال: رحمك الله - ثلاثا - ثم لم يعد لشئ مما كان.
أخبرنا بذلك أبو إسحاق ابن الدرجي، قال: أنبأنا أبو جعفر الصيدلاني في جماعة، قالوا: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله، قالت: أخبرنا