العبرة من حبي إياه ورقتي عليه لما رأيت من حاله حتى بكيت وبكى قال وأنت فحياك الله يا هرم بن حيان كيف أنت يا أخي من دلك علي قلت الله قال لا إله إلا الله سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا فقلت له فمن أين عرفت اسمي واسم أبي وما رأيتك قبل اليوم ولا رأيتني قال أنبأني بذلك العليم الخبير عرفت روحي روحك حيث كلمت نفسي نفسك إن الأرواح لها أنفسا كأنفاس الأجساد وأن المؤمنين ليعرف بعضهم بعضا ويتحابون بروح الله وإن لم يلتقوا ويتعارفوا وإن نأت بهم الديار وتفرقت بهم المنازل قلت رحمك رحمك الله عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال إني لم أدرك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولم يكن له معه صحبة بأبي وأمي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولكني قد رأيت رجالا رأوه ولست أحب أن أفتح هذا الباب على نفسي أن أكون محدثا أو قاصا أو مفتيا في نفسي شغل عن الناس قلت أي أخي اقرأ علي آيات من كتاب الله أسمعها منك وأوصني بوصية أحفظها فإني أحبك في الله قال فأخذ بيدي ثم قال أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم قال ربي وأحق القول قول ربي وأصدق الحديث حديث ربي فقرأ " وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق " إلى قوله " إنه هو العزيز الرحيم " (1) فشهق شهقة فنظرت إليه وأنا أحسبه قد غشي عليه ثم قال يا هرم بن حيان مات أبوك حيان ويوشك أن تموت أنت فأما إلى الجنة وإما إلى النار ومات أبوك آدم ويوشك أن تموت وماتت أمك حواء يا ابن حيان ومات نوح نبي الله ومات إبراهيم خليل الله ومات موسى نجي الرحمن ومات داود خليفة الرحمن ومات محمد صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين ومات أبو بكر خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومات أخي وصديقي عمر بن الخطاب فقلت له إن عمر لم يمت قال بلى قد نعاه إلي ربي ونعا إلي ربي وأنا وأنت من الموتى ثم صلى على النبي (صلى الله عليه وسلم) ودعا بدعوات خفاف ثم هذه وصيتي إياك كتاب الله ونعى المرسلين ونعى صالح المؤمنين وعليك بذكر الموت ولا يفارق قلبك طرفة عين ما بقيت فانذر بها قومك إذا رجعت إليهم وانصح الأمة جميعا وإياك أن تفارق الجماعة فتفارق دينك وأنت لا تعلم فتدخل النار وادع لي ولنفسك ثم قال اللهم إن هذا يزعم أنه يحبني فيك وزارني من أجلك فعرفني وجهه في الجنة وادخله علي في دارك دار السلام واحفظه ما دام في الدنيا حيا وأرضه باليسير واجعله لما أعطيته من
(٤٣٣)