والجزاء إنما يثبت باعتبار الشرط جملة، ولا يتوزع على أجزائه. وكلمة على، للشرط حقيقة (1). والموادعة في الأصل ليست من عقود المعاوضات، فجعلنا هذه الكلمة فيها عاملة بحقيقتها. فإذا لم يسلم لهم الموادعة سنة كاملة وجب رد المال كله عليهم. وهذا لأنه ربما يكون خوفهم من بعض المدة دون البعض، فإنهم يأمنون في الشتاء أن يأتيهم العدو، وإنما يخافون ذلك في الصيف. فإذا نبذ إليهم في وقت خوفهم، ومنعهم بعض المال، لم يحصل شئ من مقصودهم بهذا الشرط، وذلك يؤدى إلى الغرور، فلهذا يرد المال إن (2) نبذ إليهم قبل مضى المدة.
960 - وإن كانوا وادعوه ثلاث سنين، كل سنة بألف دينار، وقبض المال كله، ثم أراد الامام نقض الموادعة بعد مضى سنة (3) فإنه يرد عليهم الثلثين.
لان الموادعة كانت هاهنا بحرف الباء، وهو يصحب الأعواض، فيكون المال عوضا، فينقسم على المعوض باعتبار الاجزاء، كيف وقد فرق العقود ههنا بتفريق التسمية حيث قال: كل سنة بألف دينار. بخلاف الأول فهناك العقد واحد في جميع السنة، والمال مذكور بحرف على، وهو حرف الشرط.
فإن قيل: أليس أن في الإجارة بين أن يقرن بالبدل حرف الباء أو حرف على في أنه يتوزع البدل على المدة، وكذلك في باب البيع، فلماذا فرق بينهما هنا؟
قلنا: لان البيع والإجارة معاوضة باعتبار الأصل، ولا يحتمل التعليق بالشرط، وأما الموادعة فليست بمعاوضة باعتبار الأصل، وإنما تصير معاوضة