شرح السير الكبير - السرخسي - ج ٢ - الصفحة ٥٦٤
لان الأمان لم يثبت له بمجرد دعواه على الغائب والميت، ومن أقر بالأمان. فقد كذبه الحربي في ذلك. وهذا بخلاف ما تقدم. فهناك الأمان من جهة واحد بعينه، وإنما (1) الاختلاف بينهما في السبب، وههنا الاختلاف بينهما فيمن كان الأمان من جهته، فلا يثبت واحد من الامرين مع التكذيب.
917 - ولو كان قال بعد هذا الذي أقر له بالأمان: صدقت أنت آمنتني، وقد غلطت فيما قلت. ففي القياس هو فئ.
لان إقراره له قد بطل بالتكذيب، فلا يعمل التصديق بعد ذلك. إذ الأمان عقد محتمل للفسخ والتصديق بعد التكذيب، إنما يعتبر فيما لا يكون محتملا للفسخ كالنسب والولاء.
وفى الاستحسان هو آمن إذا لم يصر على ذلك التكذيب.
لان الغلط في هذا الباب قد يقع، فإنه ما رأى من آمنه قبل هذا الوقت، وبالمرة الواحدة قل ما تثبت معرفته. فإذا تبين له الغلط وجب اعتبار تصديقه لدفع الضرر، بخلاف ما إذا ثبت على التكذيب بعد الاستثبات. لان توهم الغلط هناك قد انتفى.
وهو نظير ما لو قال الرجل لا مرأة جالسة إلى جنبه: هي أختي من الرضاعة. ثم قال: غلطت، هي امرأتي. كان مصدقا في ذلك، ولم يفرق بينهما. فإن ثبت على ذلك بعد الاستثبات ثم قال بعد ذلك قد غلطت لا يصدق.
وفرق بينهما للمعنى الذي قلنا.
918 - ولو قال الحربي: ما آمنني أحد من المسلمين، لكني خرجت بغير أمان. بعد ما قال له المسلم: أنا آمنتك. ثم رجع إلى تصديقه، لم يصدق، وكان فيئا

(1) ه‍، ق " فإنما " وفى هامش ق " وإنما. نسخة ".
(٥٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 559 560 561 562 563 564 565 566 567 568 569 ... » »»