شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٣٠٥
418 - وإذا دخل حربي دارنا بأمان فقتل مسلما عمدا أو خطأ أو قطع الطريق، أو تجسس أخبار المسلمين. فبعث بها إلى المشركين أو زنى بمسلمة أو ذمية كرها، أو سرق، فليس يكون شئ منها نقضا (1) منه للعهد.
إلا على قول مالك، فإنه يقول يصير ناقضا للعهد بما صنع. لأنه حين دخل إلينا بأمان فقد التزم بأن لا يفعل شيئا من ذلك، فإذا فعله كان ناقضا للعهد بمباشرته (2)، مما يخالف موجب (3) عقده، ولو لم يجعله ناقض العهد بهذا رجع إلى الاستخفاف بالمسلمين.
ولكنا نقول: لو فعل المسلم شيئا من هذا ليس بناقض لايمانه، فإذا فعله المستأمن لا يكون ناقضا لأمانه.
419 - والأصل فيه حديث حاطب بن أبي بلتعة فإنه كتب إلى أهل مكة أن محمدا يغزوكم فخذوا حذركم. ولذلك قصة. وفيه نزل قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء} (4) فقد سماه الله تعالى مؤمنا مع ما فعله. وكذلك أبو لبابة بن عبد المنذر حين استشاره بنو قريظة أنهم إن نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا يصنع بهم، فأمر يده على حلقه يخبرهم أنه يضرب أعناقهم. وفيه نزل قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول} الآية.

(1) ق " بنقض ".
(2) ه‍، ق " لمباشرته ".
(3) ب " ما يخالف من موجب ".
(4) سورة الممتحنة، 60، الآية 1.
م - 20 السير الكبير
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»