شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٣٠١
لان الوفاء إنما يلزمنا بقدر ما قبلنا من الشروط. وذلك الاحراق والاكل ليس من الاحراق في شئ. ألا ترى أن يحل للانسان أن يأكل ملكه ولا يحل له أن يحرقه؟ وأهل الشام يكرهون الاحراق في أموال أهل الحرب ولا يكرهون التناول. ولعلهم إنما شرطوا هذا الشرط لما في الاحراق من الفساد. والأصل أن ما ثبت بالشرط نصا لا يلحق به ما ليس في معناه من كل وجه.
410 - وإن سألونا (1) أن لا تخرب قراهم فأعطيناهم ذلك فلا بأس بأن نأخذ ما وجدنا في قراهم من متاع أو علف أو طعام أو غيره مما ليس ببناء.
لان التخريب يكون في الأبنية. أما أخذ الأمتعة فمن الحفظة (2) لا من التخريب. ولعلهم كرهوا ذلك لما في التخريب من صورة الافساد. ولكن كل ما كان في قراهم من خشب أو غيره فليس ينبغي أن نعرض له. وما كان من خشب موضوع ليس في بناء فلا بأس بأن نأخذه ونوقد به، لان هذا انتفاع وليس بتخريب. وإنما الذي لا يحل بعد هذا الشرط هدم شئ من مساكنهم أو تخريبه بالنار، لان ذلك فوق التخريب. فيثبت حكم الشرط فيه بطريق الأولى.
وإن وجدنا بابا مغلقا ولم نقدر على فتحه فلا ينبغي أن نقلعه قبل النبذ إليهم، لان هذا تخريب. بخلاف ما إذا قدرنا على فتح الباب، فان فتح الباب ليس بتخريب، فان لم نقدر على فتحه إلا بكسر الغلق (3) فليس ينبغي لنا أن نفعل، لان هذا تخريب، والقليل والكثير فيما التزمناه بالشرط نصا سواء.

(1) ه‍ " سألوا منا ".
(2) ه‍، ط، ب، " الحفظ " وفى ق وحدها " الحفظة " وفى هامش ق: " الحفيظة الغضب والحمية وكذلك بالكسر. وقد أحفظته أي أغضبته فغضب. جوهري ".
(3) في هامش ق " الغلق بالتحريك المغلاق، وهو ما يغلق ويفتح بالمفتاح. مغرب ".
(٣٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 ... » »»