فأجئ بأبي فهو غير بعيد، فجئت إليه فقلت له قم فقد فرج الله، وهذا عين ماء قريب منا، فقام ومضينا نحو العين الماء فلم نر شيئا، فدرنا نطلب فلم نقدر على شئ، حتى اجهد أبي جهدا شديدا فلم يقدر على النهوض لشدة ما لحقه، فجلست معه فلم يزل يضطرب حتى مات، فاحتلت حتى واريته. ثم جئت حتى لقيت أمير المؤمنين عليا وهو خارج إلى صفين، وقد أسرجت له بغلة. فجئت فمسكت بالركاب ليركب، وانكببت أقبل فخذه، فنفحني بالركاب فشجني في وجهي شجة. قال المفيد ورأيت الشجة في وجهه واضحة. قال: ثم سألني عن خبري فأخبرته بقصتي وقصة أبي وقصة العين. فقال: هذه عين لم يشرب منها أحد إلا عمر عمرا طويلا، فابشر فإنك معمر ما كنت لتجدها بعد شربك منها قال المفيد ثم سألناه فحدثنا عن علي بن أبي طالب بأحاديث، ثم لم أزل أتتبعه في الأوقات وألح عليه حتى يملي على حديثا بعد حديث، ثم أعود حتى جمعت عنه خمسة عشر حديثا لم تجتمع عنه لغيري، لتتبعي له وإلحاحي عليه، وكان معه شيوخ من بلده فسألتهم عنه فقالوا: هو مشهور عندنا بطول العمر. حدثنا بذلك آباؤنا عن آبائهم عن أجدادهم. وأن قوله في لقيه علي بن أبي طالب معلوم عندهم انه كذلك.
حدثني أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن عبد الاعلى بن محمد بن مروان الرقي الفقيه، حدثنا أبو القاسم يوسف بن أحمد بن محمد البغدادي التمار - وكان بالرقة يعرف بالبنا، وكان شاهدا بالرقة - فقلت له إن المفيد حدث عن الأشج عن علي بن أبي طالب؟ فقال: إن الأشج دخل بغداد واجتمع الناس عليه في دار إسحاق، وأحدقوا به وضايقوه، وكنت حاضره فقال: لا تؤذوني فإني سمعت علي بن أبي طالب يقول:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل مؤذ في النار)) وحدث ببغداد خمسة أحاديث، حفظت منها ثلاثة هذا أحدها. وما علمت أن أحدا ببغداد كتب عنه حرفا واحدا، ولم يكن عندي بذاك الثقة.
قلت: وقد روى بعض الناس عن المفيد قال: بلغني أن الأشج مات في سنة سبع وعشرين وثلاثمائة وهو راجع إلى بلده. فقال: وأخبرني بعض أصحابنا أنهم كانوا يكنونه بعد ذلك بابي الحسن، ويسمونه عليا.