على الآخر، وهنأني بمثل تهنئته، وذكر أنه وافد أهل إفريقية أتى أمير المؤمنين بسمعهم وطاعتهم، فتضاعف سروري، وأكثرت من حمدي على ما وفقني له من الانصراف، ثم دخلت الدار فسألت عن أمير المؤمنين، فأخبرت أنه في موضع كان يتهيأ فيه للصلاة، وكان يكون فيه سواكه، وتسريح لحيته، فدخلت إليه وهو يسرح لحيته، فابتدأت بتهنئته، وأعلمته أنى رأيت ببابه رجلين؟ أحدهما وافد أهل السند فوقع عليه زمع وقال: الآخر وافد أهل إفريقية بسمعهم وطاعتهم فقلت نعم! فسقط المشط من يده ثم قال: سبحان الله، كل شئ بائد سواه، نعيت والله نفسي: حدثني إبراهيم الإمام عن أبي هاشم عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه يقدم علي في يوم واحد في مدينتي هذه وافدان وافد السند، والآخر وافد إفريقية، بسمعهم وطاعتهم وبيعتهم، فلا يمضي بعد ذلك ثلاثة أيام حتى أموت. وقد أتاني الوافدان، فأعظم الله أجرك يا عم في ابن أخيك، فقلت له: كلا يا أمير المؤمنين إن شاء الله، فقال: بلى إن شاء الله لئن كانت الدنيا حبيبة إلي، فصحة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلى منها، والله ما كذبت ولا كذبت، ثم نهض وقال لي: لا ترم من مكانك حتى أخرج إليك، فما غاب حينا حتى أذنه المؤذنون بصلاة الظهر، فخرج إلى خادم له فأمرني بالخروج إلى المسجد والصلاة بالناس ففعلت ذلك، ورجعت إلى موضعي حتى أذنه المؤذنون بصلاة العصر، فخرج إلى الخادم فأمرني بالصلاة بالناس والرجوع إلى موضعي، ففعلت، ثم أذنه المؤذنون بصلاة المغرب، فخرج الخادم إلى فأمرني بمثل ما كان أمرني به في صلاة الظهر والعصر ففعلت ذلك، ثم عدت إلى مكاني، ثم أذنه المؤذنون بصلاة العشاء فخرج إلى الخادم فأمرني بمثل ما كان يأمرني به ففعلت مثل ما كنت أفعل، ولم أزل مقيما بمكاني إلى أن مر الليل، ووجبت صلاته، فقمت فتنفلت حتى فرغت من صلاة الليل والوتر، إلا بقية بقيت من القنوت، فخرج عند ذلك ومعه كتاب فدفعه إلى حين سلمت، فإذا هو معنون مختوم، من عند عبد الله أمير المؤمنين إلى الرسول والأولياء وجميع المسلمين، وقال: يا عم اركب في غد فصل بالناس في المصلى، وانحر وأخبر بعلة أمير المؤمنين، وأكثر لزومك داره، فإذا قضى نحبه فاكتم وفاته حتى يقرأ هذا الكتاب على الناس، وتأخذ عليهم البيعة للمسمى في هذا الكتاب، فإذا أخذتها واستحلفت الناس عليها بمؤكدات الأيمان، فانع إليهم أمير المؤمنين، وجهزه وتول الصلاة عليه، ثم انصرف في حفظ الله وتأهب لركوبك. فقلت: يا أمير المؤمنين، هل وجدت علة؟ قال: يا عم وأي علة هي
(٥٣)