حدثني علي بن محمد بن الحسن الحربي - حفظا - قال: سمعت أبا الحسين بن سمعون يقول: قال أحمد بن سلمان القطيعي: ضقت إضاقة فمضيت إلى إبراهيم الحربي لأبثه ما أنا فيه فقال لي: لا يضق صدرك، فإن الله من وراء المعونة، وإني ضقت مرة حتى انتهى أمري في الإضاقة إلى أن عدم عيالي قوتهم، فقالت لي الزوجة:
هب أني وإياك نصبر، فكيف نصنع بهاتين الصبيتين؟ فهات شيئا من كتبك حتى نبيعه أو نرهنه، فضننت بذاك. وقلت: اقترضي لهما شيئا وانظريني بقية اليوم والليلة، وكان لي بيت في دهليز داري فيه كتبي. فكنت أجلس فيه للنسخ وللنظر، فلما كان في تلك الليلة إذا داق يدق الباب. فقلت: من هذا؟ فقال: رجل من الجيران، فقلت: أدخل!
فقال: أطفئ السراج حتى أدخل، فكبيت على السراج شيئا وقلت: ادخل، فدخل وترك إلى جانبي شيئا، وانصرف فكشفت عن السراج ونظرت فإذا منديل له قيمة، وفيه أنواع من الطعام، وكاغد فيه خمسمائة درهم، فدعوت الزوجة وقلت: أنبهي الصبيان حتى يأكلوا. ولما كان من الغد قضينا دينا كان علينا من تلك الدراهم، وكان وقت مجيء الحاج من خراسان، فجلست علي بابي من غد تلك الليلة وإذا جمال يقود جملين عليهما حملان ورقا وهو يسأل عن منزل إبراهيم الحربي، فانتهى إلي فقلت: أنا إبراهيم الحربي، فحط الحملين، وقال: هذان الحملان أنفذهما لك رجل من أهل خراسان، فقلت: من هو؟ فقال: قد استحلفني أن لا أقول من هو.
أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين بن محمد بن عبد الله القاضي - بالدينور - حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق السني الحافظ قال: سمعت أبا عثمان الرازي يقول: جاء رجل من أصحاب المعتضد إلى إبراهيم الحربي بعشرة آلاف درهم من عند المعتضد، يسأله عن أمر أمير المؤمنين تفرقة ذلك فرده، فانصرف الرسول، ثم عاد فقال: إن أمير المؤمنين يسألك أن تفرقه في جيرانك، فقال: عافاك الله هذا مال لم نشغل أنفسنا بجمعه فلا نشغلها بتفرقته، قل لأمير المؤمنين إن تركتنا وإلا تحولنا من جوارك!
حدثني الأزهري، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن، حدثنا أحمد بن مروان، حدثنا أبو القاسم بن الجبلي قال: اعتل إبراهيم الحربي علة حتى أشرف على الموت، فدخلت إليه يوما فقال لي: يا أبا القاسم، أنا في أمر عظيم مع ابنتي، ثم قال لها:
قومي اخرجي إلى عمك، فخرجت فألقت على وجهها خمارها، فقال إبراهيم: هذا