حدثنا عبد العزيز بن علي الوراق، حدثنا علي بن عبد الله بن جهضم الهمذاني، حدثنا الخالدي، حدثنا أحمد بن عبد الله بن خالد بن ماهان - ويعرف بابن أسد - قال: سمعت إبراهيم بن إسحاق يقول: أجمع عقلاء كل أمة أنه من لم يجر مع القدر لم يتهنأ بعيشه، كان يكون قميصي أنظف قميص وإزاري أوسخ إزار، ما حدثت نفسي أنهما يستويان قط، وفرد عقبي مقطوع وفرد عقبي الآخر صحيح، أمشي بهما وأدور بغداد كلها، هذا الجانب، وذلك الجانب، ولا أحدث نفسي أني أصلحها، وما شكوت إلى أمي، ولا إلى إخوتي، ولا إلي امرأتي، ولا إلي بناتي قط حمى وجدتها.
الرجل هو الذي يدخل غمه على نفسه ولا يغم عياله. كان بي شقيقة خمسا وأربعين سنة ما أخبرت بها أحدا قط! ولى عشر سنين أبصر بفرد عين ما أخبرت به أحدا، وأفنيت من عمري ثلاثين سنة برغيفين، إن جاءتني بهما أمي أو أختي أكلت، وإلا بقيت جائعا عطشان إلى الليلة الثانية، وأفنيت ثلاثين سنة من عمري برغيف في اليوم والليلة، إن جائتني امرأتي أو إحدى بناتي به أكلته، وإلا بقيت جائعا عطشان إلى الليلة الأخرى، والآن آكل نصف رغيف وأربع عشرة تمرة إن كان برنيا، أو نيفا وعشرين إن كان دقلا، ومرضت ابنتي فمضت امرأتي فأقامت عندها شهرا، فقام إفطاري في هذا الشهر بدرهم ودانقين ونصف! ودخلت الحمام واشتريت لهم صابونا بدانقين، فقام نفقة شهر رمضان كله بدرهم وأربعة دوانق ونصف.
أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح، حدثنا عمر بن أحمد بن هارون المقرئ أن أبا القاسم بن بكير حدثه قال: سمعت إبراهيم الحربي يقول: ما كنا نعرف من هذه الأطبخة شيئا، كنت أجيء من عشى إلي عشى وقد هيأت لي أمي باذنجانة مشوية، أو لعقة ين أو باقة فجل.
وقال عمر: سمعت أبا علي الخياط المعروف بالميت يقول: كنت يوما جالسا مع إبراهيم على باب داره، فلما أن أصبحنا قال لي: يا أبا علي، قم إلى شغلك فإن عندي فجلة قد أكلت البارحة خضرها أقوم أتغدى بجزرتها.
حدثني أبو القاسم الأزهري، حدثنا عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان قال:
سمعت أبا بكر بن أيوب العكبري يقول: سمعت الحربي - يعني إبراهيم - يقول: ما تروحت ولا روحت قط، ولا أكلت من شيء واحد في يوم مرتين.