داود الزقي يقول: كنت مارا ببغداد، وإذا ببعض الفقراء يمر في الطريق، وإذا بمغن يغني وهو يقول:
أمد كفي بالخضوع * إلى الذي جاد بالمنيع قال: فشهق الفقيه شهقة وخر ميتا.
أخبرنا أبو الحسين أحمد بن الحسين بن أحمد الواعظ قال: سمعت أبا بكر الرقي - بدمشق - يقول: سمعت أبا بكر الزقاق يقول: بني أمرنا هذا - يعني التصوف - على أربع: لا نأكل إلى عن فاقة، ولا ننام إلا عن غلبة، ولا نسكت إلى عن خيفة، ولا نتكلم إلى عن وجد.
وقال أيضا: سمعت الزقاق يقول: كل أحد ينتسب إلا الفقراء، فإنهم ينتسبون إلى الله تعالى، وكل حسب ونسب ينقطع إلا حسبهم ونسبهم، فإن نسبهم الصدق، وحسبهم الصبر.
حدثنا عبد العزيز بن أبي الحسن القرميسيني قال: سمعت علي بن عبد الله الهمذاني - بمكة - يقول: حدثني محمد بن داود - يعنى الزقي - قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن الجلاء يقول: كنت بذي الحليفة وأنا أريد الحج والناس يحرمون، فرأيت شابا قد صب عليه الماء يريد الإحرام وأنا أنظر إليه، فقال: يا رب أريد أن أقول لبيك اللهم لبيك، فأخشى أن تجيبني لا لبيك ولا سعديك، وبقى يردد هذا القول مرارا كثيرة وأنا أتسمع عليه، فلما أكثر قلت له: ليس لك بد من الإحرام فقل، فقال يا شيخ أخشى إن قلت لبيك اللهم لبيك أجابني لا لبيك ولا سعديك. فقلت له: أحسن ظنك وقل معي: لبيك اللهم لبيك فقال: لبيك اللهم وطولها وخرجت نفسه مع قوله اللهم وسقط ميتا.
أخبرنا محمد بن عيس بن عبد العزيز البزاز - بهمذان - حدثنا علي بن عبد الله بن جهضم، حدثنا أبو بكر محمد بن داود قال: سألت الزقاق أبا بكر: لم أصحب؟
فقال: لمن سقط بينك وبينة مؤنة التحفظ، ثم سألته مرة أخرى: لم أصحب؟ فقال:
من يعلم منك بما يعلمه الله منك فتأمنه على ذلك.
حدثني محمد بن أبي الحسن عن أبي العباس أحمد بن محمد بن زكريا النسوي قال: مات أبو بكر الزقي بدمشق سنة تسع وخمسين وثلاثمائة.