وكان عمى الحسين بن دريد يتولى تربيتي، فإذا أراد الأكل استدعى أبا عثمان يأكل معه، فدخل عمي يوما وأبو عثمان المعلم يرويني قصيدة الحارث بن حلزة التي أولها آذنتنا بينهما أسماء. فقال لي عمي: إذا حفظت هذه القصيدة وهبت لك كذا وكذا.
ثم دعا بالمعلم ليأكل معه، فدخل إليه فأكلا وتحدثا بعد الأكل ساعة، فإلى أن رجع المعلم حفظت ديوان الحارث بن حلزة بأسره، فخرج المعلم فعرفته ذلك، فاستعظمه وأخذ يعتبره علي فوجدني قد حفظته، فدخل إلى عمي فأخبره، فأعطاني ما كان وعدني به.
قال أبو الحسن: وكان أبو بكر واسع الحفظ جدا ما رأيت أحفظ منه، كان يقرأ عليه دواوين العرب كلها أو أكثرها فيسابق إلى إتمامها ويحفظها، وما رأيته قد قرئ عليه ديوان شاعر إلا وهو يسابق إلى روايته لحفظه له.
حدثني علي بن محمد بن نصر قال سمعت حمزة بن يوسف يقول سألت أبا الحسن الدارقطني، عن ابن دريد فقال تكلموا فيه.
وقال حمزة: سمعت أبا بكر الأبهري المالكي يقول جلست إلى جنب ابن دريد وهو يحدث ومعه جزء فيه [ما] قال الأصمعي، فكان يقول في واحد حدثنا الرياشي، وفي آخر حدثنا أبو حاتم، وفي آخر حدثنا ابن أخي الأصمعي، عن الأصمعي [يقول]: كما يجئ على قلبه.
كتب إلي أبو ذر الهروي سمعت ابن شاهين يقول: كنا ندخل علي ابن دريد ونستحي مما نرى من العيدان المعلقة، والشراب المصفى موضوع، وقد كان جاوز التسعين سنة.
أخبرنا علي بن أبي علي قال سمعت أبا بكر بن شاذان يقول مات ابن دريد سنة إحدى وعشرين.
قرأت على الحسن بن أبي بكر، عن أحمد بن كامل القاضي قال: مات أبو بكر ابن دريد في يوم الأربعاء لثنتي عشرة ليلة بقين من شعبان سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة.
حدثني محمد بن علي الصوري قال أنبأنا الحسن بن أحمد بن نصر القاضي قال