قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١٢ - الصفحة ٣٢٠
رحى الإسلام، ودر حلب الإيمان، وخضعت نعرة الشرك، وبأخت نيران الحرب، وهدأت دعوة الهرج، واستوثق نظام الدين، فأنى حرتم بعد البيان، ونكصتم بعد الإقدام، وأسررتم بعد الإعلان، بؤسا لقوم نكثوا أيمانهم، أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين، ألا قد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض وركنتم إلى الدعة فعجتم عن الدين، ومججتم الذي وعيتم، ودسعتم الذي سوغتم، فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد.
ألا وقد قلت الذي قلته على معرفة مني بالخذلان الذي خامر صدوركم واستشعرته قلوبكم، ولكن قلته فيضة النفس، ونفثة الغيظ، وبثة الصدر، ومعذرة الحجة، فدونكموها فاحتقبوها مدبرة الظهر، ناقبة الخف، باقية العار موسومة بشنار الأبد، موصولة بنار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة، فبعين الله ما تفعلون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، وأنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فاعلموا إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون (1).
وروى أيضا، أنه لما مرضت فاطمة (عليها السلام) المرضة التي توفيت بها دخل النساء عليها، فقلن: كيف أصبحت من علتك يا بنت رسول الله؟ قالت: " أصبحت والله عائفة لدنياكم، قالية لرجالكم، لفظتهم بعد أن عجمتهم، وشنأتهم بعد أن سبرتهم، فقبحا لفلول الحد، وخور القنا وخطل الرأي، وبئس ما قدمت لهم أنفسهم: أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون، لا جرم لقد قلدتهم ربقتها، وشنت عليهم عارها، فجدعا وعقرا وبعدا للقوم الظالمين، ويحهم! أنى زحزحوها عن رواسي الرسالة وقواعد النبوة ومهبط الروح الأمين الطبين بأمور الدنيا والدين، ألا ذلك هو الخسران المبين. وما الذي نقموا من أبي الحسن (عليه السلام)؟ نقموا والله نكير سيفه، وشدة وطأته، ونكال وقعته، وتنمره في ذات الله، وبالله لو تكافؤوا على زمام نبذه رسول الله لسار بهم سيرا سجحا، لا يكلم خشاشه، ولا يتعتع راكبه، ولأوردهم

(٣٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 ... » »»
الفهرست