قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١٢ - الصفحة ٣١٦
من النار، مذقة الشارب ونهزة الطامع وقبسة العجلان وموطئ الأقدام، تشربون الرنق (1) وتقتاتون الورق، أذلة خاشعين، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم، فأنقذكم الله برسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد اللتيا والتي وبعد ما مني ببهم الرجال، وذؤبان العرب، ومردة أهل الكتاب، كلما حشوا نارا للحرب أطفأها، وكلما نجم قرن للضلال وفغرت فاغرة من المشركين، قذف بأخيه في لهواتها، فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها بأخمصه ويخمد لهبها بحده، مكدودا في ذات الله، قريبا من رسول الله، سيدا في أولياء الله، وأنتم في بلهنية وادعون آمنون، حتى إذا اختار الله لنبيه دار أنبيائه، ظهرت خلة النفاق، وسمل جلباب الدين، ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل الآفلين، وهدر فنيق المبطلين، فخطر في عرصاتكم وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه، صارخا بكم فوجدكم لدعائه مستجيبين، وللغرة فيه ملاحظين، فاستنهضكم فوجدكم خفافا، وأحمشكم فألفاكم غضابا، فوسمتم غير إبلكم، وأوردتموها غير شربكم.
هذا، والعهد قريب، والكلم رحيب، والجرح لما يندمل، إنما زعمتم خوف الفتنة، ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين، فهيهات منكم، وأنى بكم وأنى تؤفكون! وهذا كتاب الله بين أظهركم، وزواجره بينة، وشواهده لائحة، وأوامره واضحة، أرغبة عنه تدبرون، أم بغيره تحكمون، بئس للظالمين بدلا، ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين، ثم لم تريثوا إلا ريث أن تسكن نعرتها (2) تشربون حسوا في ارتغاء، ونصبر منكم على مثل حز المدى، وأنتم الآن تزعمون. أن لا إرث لنا (أفحكم الجاهلية تبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يؤمنون) ويها معشر المهاجرين! أأبتز إرث أبي، أفي الكتاب أن ترث أباك ولا أرث أبي؟! لقد جئت شيئا فريا، فدونكها مخطومة مرحولة، تلقاك يوم حشرك؛ فنعم الحكم الله، والزعيم محمد، والموعد القيامة، وعند الساعة

(1) في المصدر: الطرق.
(2) في المصدر: نغرتها.
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»
الفهرست