بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله السميع البصير، الذي لا شريك له ولا نظير، الذي أتم الحجة وأنار المحجة ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، والصلاة على صاحب الشريعة الرفيعة والطريقة الأنيقة المبصرة لسالكها الحقيقة والضامنة للمتمسك بها الجنة، وعلى أهل بيته الحافظين لها عن انتحال المبطلين وتأويل الغالين، لا سيما ابن عمه ليث الهيجاء وأسد الله يوم الوغى.
وبعد: إن مسألة تحقيق حال الرجال المكنين ب " أبي بصير " من عويصات المسائل الرجالية ومشكلاتها، حتى أن القدماء الذين قلما يختلفون في مسألة وشذ ما يخبطون في مرحلة حصلت لهم فيها اختلافات واتفقت لهم فيها خلطات.
وأما المتأخرون الذين يختلفون كثيرا في واضحات المسائل ولائحات الدلائل كما في قول بعضهم باتحاد " معاوية بن شريح " و " معاوية بن ميسرة بن شريح " مع أن شريحا الذي في الأول كان في عصر الكاظم (عليه السلام) لأنه يروي عن عبد الله بن سنان، وشريحا الذي في الثاني كان في عصر أمير المؤمنين (عليه السلام) وكما في نظائر ذلك فأعجبوا من كثرة الاختلاف وشدة الاعتساف، ومع أنهم أطالوا الكلام فيهم لم يأتوا بطائل، ومع أنهم صنفوا فيهم لم يتيسر لهم حاصل، فرأيت أن أحرر فيهم رسالة ذات جزالة في اللفظ والمعنى، وجامعة نافعة من المبدأ إلى المنتهى، فكتبت هذه وسميتها ب " الرسالة المبصرة في أحوال البصيرية " أو " الدر النضير في المكنين بأبي بصير ".