الرعة إلى كل قالة! أين كانت هذه الأماني في عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا من سمع فليقل ومن شهد فليتكلم، إنما هو ثعالة شهيده ذنبه، مرب لكل فتنة، هو الذي يقول: " كروها جذعة بعد ما هرمت " يستعينون بالضعفة ويستنصرون بالنساء، كأم طحال أحب أهلها إليها البغي، ألا أني لو أشاء أن أقول لقلت ولو قلت لبحت، أني ساكت ما تركت.
ثم التفت إلى الأنصار فقال: " بلغني يا معشر الأنصار مقالة سفهائكم وأحق من لزم عهد رسول الله أنتم فقد جاءكم فآويتم ونصرتم، ألا وأني لست باسطا يدا ولسانا على من لم يستحق ذلك منا، ثم نزل، فانصرفت فاطمة إلى منزلها.
قال ابن أبي الحديد: قرأت هذا الكلام على النقيب " يحيى بن أبي زيد " فقلت له: بمن يعرض؟ فقال: بل يصرح، قلت: لو صرح لم أسألك، فضحك وقال: بعلي بن أبي طالب، قلت: أهذا الكلام كله لعلي (عليه السلام)؟ قال: نعم، إنه الملك يا بني. قلت: فما مقالة الأنصار؟ قال: هتفوا بذكر علي (عليه السلام) فخاف من اضطراب الأمر عليه فنهاهم (1).
وفي الشافي قال الجاحظ في كتاب عباسيته: إن فاطمة أوصت ألا يصلي عليها أبو بكر، ولقد كانت قالت له حين أتته طالبة بحقها ومحتجة برهطها: من يرثك يا أبا بكر إذا مت؟ قال: أهلي وولدي، قالت: فما بالنا لا نرث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
فلما منعها ميراثها وبخسها حقها واعتل عليها ولج في أمرها وعاينت التهضم وآيست من النزوع ووجدت مس الضعف وقلة الناصر، قالت: والله! لأدعون الله عليك، قال: والله! لأدعون الله لك، قالت: والله! لا أكلمك أبدا، قال: والله! لا أهجرك أبدا (2).
وفي الشافي - بعد نقل قول القاضي: لا يصح أنها دفنت ليلا وإن صح فقد دفن فلان وفلان ليلا -: إن دفنها ليلا في الصحة كالشمس الطالعة، وأن منكر ذلك كدافع المشاهدات ولم نجعل دفنها ليلا بمجرده هو الحجة، بل مع الاحتجاج بذلك على ما وردت به الروايات المستفيضة الظاهرة التي هي كالمتواتر، أن فاطمة (عليها السلام) أوصت بأن تدفن ليلا حتى لا يصلي عليها الرجلان، وصرحت بذلك وعهدت فيه