قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١٠ - الصفحة ٥٣١
يوم الجمعة، فأتيت مسجد البصرة فإذا أنا بحلقة كبيرة، وإذا أنا بعمرو بن عبيد، عليه شملة سوداء من صوف متزر بها وشملة مرتدي بها فاستفرجت الناس فأفرجوا لي، ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي، ثم قلت: أيها العالم! أنا رجل غريب فأذن لي فأسألك عن مسألة؟ فقال: نعم، قلت له: ألك عين؟ قال: بني، أي شيء هذا من السؤال أرأيتك شيئا كيف تسأل؟ فقلت: هكذا مسألتي، فقال: يا بني، سل وإن كانت مسألتك حمقاء! قلت: أجبني فيها، قال لي: سل، فقلت: ألك عين؟
فقال: نعم، قلت: فما ترى بها؟ قال: الألوان والأشخاص، قلت: فلك أنف؟ قال:
نعم، قلت: فما تصنع به؟ قال: أشم الرائحة، قلت: فلك فم؟ قال: نعم، قلت فما تصنع به؟ قال: أذوق به الطعم، قلت: ألك قلب؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع به؟ قال: أميز به كل ما ورد على هذه الجوارح، قلت: أليس في هذه الجوارح غنى عن القلب؟ قال:
لا، قلت: وكيف ذاك وهي صحيحة سليمة؟ قال: يا بني، الجوارح إذا شكت في شيء شمته أو رأته أو ذاقته ردته إلى القلب، فيتيقن اليقين ويبطل الشك، قلت:
وإنما أقام الله القلب لشك الجوارح، قال: نعم، قلت: فلابد من القلب وإلا لم يستيقن الجوارح، قال: نعم، قلت: يا أبا مروان، إن الله لم يترك جوارحك حتى جعل لها إماما، يصحح لها الصحيح ويتيقن لها ما شكت فيه، ويترك هذا الخلق كلهم في حيرتهم وشكهم واختلافاتهم لا يقيم لهم إماما يردون إليه شكهم وحيرتهم، ويقيم لك إماما لجوارحك ترد إليه حيرتك وشكك، فسكت ولم يقل لي شيئا، ثم التفت إلي ثم قال: أنت هشام؟ قلت: لا، فقال: أجالسته؟ قلت: لا، قال: فمن أين أنت؟ قلت من أهل الكوفة، فقال: أنت إذن هو، ثم ضمني إليه وأجلسني وأقعدني في مجلسه وما نطق حتى قمت، فضحك أبو عبد الله (عليه السلام) فقال: يا هشام من علمك هذا؟ قلت: يا ابن رسول الله جرى على لساني، فقال: يا هشام هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى.
وبالإسناد عن أبي إسحاق، عن علي بن معبد، عن هشام بن الحكم، سألت أبا عبد الله (عليه السلام) بمنى عن خمسمائة حرف من الكلام، فأقبلت أقول يقولون كذا
(٥٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 526 527 528 529 530 531 532 533 534 535 536 ... » »»