ما غذيت إلا لي، وما غذيت إلا لك، وكان يمر بعمرو بن حريث ويقول: يا عمرو إذا جاورتك فأحسن جواري، وكان عمرو يرى أنه يشتري دارا، أو ضيعة لزيق ضيعته، فكان يقول له عمرو: ليتك قد فعلت.
ثم خرج ميثم النهرواني إلى مكة، فأرسل الطاغية عدو الله ابن زياد إلى عريف ميثم فطلبه منه، فأخبره أنه بمكة، فقال له: لئن لم تأتني به لأقتلنك، فأجله أجلا، وخرج العريف إلى القادسية ينتظر ميثما، فلما قدم ميثم، قال له: أنت ميثم؟
قال: نعم، أنا ميثم، قال: تبرأ من أبي تراب، قال: لا أعرف أبا تراب. قال: تبرأ من علي بن أبي طالب. فقال له: فإن أنا لم أفعل؟ قال: إذا والله لأقتلنك. قال:
أما لقد كان يقول لي إنك ستقتلني وتصلبني على باب دار عمرو بن حريث، فإذا كان يوم الرابع ابتدر منخراي دما عبيطا، فأمر به فصلب على باب دار عمرو ابن حريث، فقال للناس: سلوني - وهو مصلوب - قبل أن أقتل، فوالله لأخبرنكم بعلم ما يكون إلى أن تقوم الساعة، وما تكون من الفتن، فلما سأله الناس حدثهم حديثا واحدا إذ أتاه رسول من قبل ابن زياد، فألجمه بلجام من شريط، وهو أول من ألجم بلجام وهو مصلوب.
وروى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، عن أبيه، عن آبائه صلوات الله عليهم، قال: أتى ميثم التمار دار أمير المؤمنين عليه السلام، فقيل له: إنه نائم، فنادى بأعلى صوته انتبه أيها النائم فوالله لتخضبن لحيتك من رأسك، فانتبه أمير المؤمنين عليه السلام فقال: أدخلوا ميثما. فقال له: أيها النائم، والله لتخضبن لحيتك من رأسك. فقال: صدقت، وأنت والله لتقطعن يداك ورجلاك ولسانك وليقطعن من النخلة التي بالكناسة فتشق أربع قطع، فتصلب أنت على ربعها، وحجر بن عدي على ربعها، ومحمد بن أكثم على ربعها، وخالد بن مسعود على ربعها، قال ميثم: فشككت في نفسي وقلت إن عليا ليخبرنا بالغيب.
فقلت له: أو كائن ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: إي ورب الكعبة،