قال: فطلبت الاذن عليها فلم تأذن فدخلت عليها من غير اذنها فإذا بيت قفار لم يعد لي فيه مجلس، فإذا هي من وراء سترين، قال: فضربت ببصري فإذا في جانب البيت رحل عليه طنفسة، قال: فمددت الطنفسة فجلست عليها، فقالت من وراء الستر: يا ابن عباس أخطأت السنة! دخلت بيتنا بغير إذننا، وجلست على متاعنا بغير إذننا، فقال لها ابن عباس: نحن أولى بالسنة منك ونحن علمناك السنة، وإنما بيتك الذي خلفك فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فخرجت منه ظالمة لنفسك غاشية لدينك عاتبة على ربك عاصية لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإذا رجعت إلى بيتك لم ندخله إلا باذنك ولم نجلس على متاعك إلا بأمرك، إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بعث إليك يأمرك بالرحيل إلى المدينة وقلة العرجة، فقالت: رحم الله أمير المؤمنين ذلك عمر ابن الخطاب! فقال ابن عباس: هذا والله أمير المؤمنين وإن تربدت فيه وجوه ورغمت فيه معاطس، أما والله لهو أمير المؤمنين، وأمس برسول الله رحما، وأقرب قرابة، وأقدم سبقا، وأكثر علما، وأعلى منارا، وأكثر آثارا من أبيك ومن عمر، فقالت: أبيت ذلك. فقال: أما والله إن كان إباؤك فيه لقصير المدة عظيم التبعة ظاهر الشؤم بين النكد مبين المنكر، وما كان إباؤك فيه إلا حلب شاة حتى صرت ما تأمرين ولا تنهين ولا ترفعين ولا تضعين، وما مثلك إلا كمثل ابن الحضرمي بن نجمان أخي بني أسد حيث يقول:
ما زال إهداء القصائد بيننا * شتم الصديق وكثرة الألقاب حتى تركتم كأن قلوبهم * في كل مجمعة طنين ذباب قال: فأراقت دمعتها وأبدت عويلها وتبدى نشيجها، ثم قالت: أخرج والله عنكم فما في الأرض بلد أبغض إلي من بلد تكونون فيه، فقال ابن عباس:
فوالله ماذا بلاؤنا عندك ولا بصنيعنا إليك، إنا جعلناك للمؤمنين أما وأنت بنت أم رومان، وجعلنا أباك صديقا وهو ابن أبي قحافة، فقالت: يا ابن عباس تمنون