المنبر حين بلغه ذلك فبكى، فقال: هذا ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في علمه وقدره يفعل مثل هذا فكيف يؤمن من كان دونه، اللهم إني قد مللتهم فأرحني منهم، واقبضني إليك غير عاجز ولا ملول ".
" قال الكشي: قال شيخ من أهل اليمامة يذكر عن معلى بن هلال، عن الشعبي، قال: لما احتمل عبد الله بن عباس بيت مال البصرة، وذهب به إلى الحجاز، كتب إليه علي بن أبي طالب (عليه السلام):
(من عبد الله علي بن أبي طالب إلى عبد الله بن عباس أما بعد فإني كنت أشركتك في أمانتي، ولم يكن أحد من أهل بيتي في نفسي أوثق منك لمواساتي ومؤازرتي وأداء الأمانة إلي، فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب، والعدو عليه قد حرب، وأمانة الناس قد عزت (عرت) (خونت)، وهذه الأمور قد فشت، قلبت لابن عمك ظهر المجن، وفارقته مع المفارقين، وخذلته أسوأ خذلان الخاذلين، فكأنك لم تكن تريد الله بجهادك، وكأنك لم تكن على بينة من ربك، وكأنك إنما كنت تكيد أمة محمد (صلى الله عليه وآله) على دنياهم، وتنوي غرتهم، فلما أمكنتك الشدة في خيانة أمة محمد أسرعت الوثبة وعجلت العدوة، فاختطفت ما قدرت عليه اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى الكسيرة. كأنك - لا أبا لك - إنما جررت إلى أهلك تراثك من أبيك وأمك، سبحان الله، أما تؤمن بالمعاد أو ما تخاف من سوء الحساب أو ما يكبر عليك أن تشتري الإماء وتنكح النساء بأموال الأرامل والمهاجرين الذين أفاء الله عليهم هذه البلاد؟ أردد إلى القوم أموالهم فوالله لئن لم تفعل ثم أمكنني الله منك لأعذرن الله فيك، والله فوالله لو أن حسنا وحسينا فعلا مثل الذي فعلت لما كانت لهما عندي في ذلك هوادة، ولا لواحد منهما عندي فيه رخصة، حتى آخذ الحق وأزيح الجور عن مظلومها، والسلام).
قال: فكتب إليه عبد الله بن عباس (أما بعد، فقد أتاني كتابك تعظم علي