سرقتكما ولابعثن إلى صاحبكما الذي سرقتماه حتى يأخذكما ويرفعكما إلى والي المدينة فرأيكما؟ فأبيا أن يردا الذي سرقاه فأمر أبو جعفر عليه السلام غلمانه أن يستوثقوا منهما. قال: فانطلق أنت يا سليمان إلى ذلك الجبل - وأشار بيده إلى ناحية من الطريق - فاصعد أنت وهؤلاء لغلمان فإن في قلة الجبل كهفا، فادخل أنت فيه بنفسك حتى تستخرج ما فيه وتدفعه إلى هذا، فإن فيه سرقة لرجل آخر ولم يأت وسوف يأتي. فانطلقت وفي قلبي أمر عظيم مما سمعت حتى انتهيت إلى الجبل، فصعدت إلى الكهف الذي وصفه لي فاستخرجت منه عيبتين وقر رجلين، حتى أتيت بهما أبا جعفر عليه السلام، فقال: يا سليمان إن بقيت إلى غد رأيت العجب بالمدينة مما يظلم كثير من الناس. فرجعنا إلى المدينة فلما أصبحنا فأخذ أبو جعفر عليه السلام بأيدينا فدخلنا معه إلى والي المدينة وقد دخل المسروق منه برجال برآء فقال: هؤلاء سرقوها، وإذا الوالي يتفرسهم، فقال أبو جعفر عليه السلام: إن هؤلاء برآء وليس هم سراقة وسراقه عندي. ثم قال للرجل: ما ذهب لك؟ قال: عيبة فيها كذا وكذا، فادعى ما ليس له وما لم يذهب منه، فقال أبو جعفر عليه السلام: لم تكذب؟ فقال: أنت أعلم بما ذهب مني؟ فهم الوالي أن يبطش به حتى كفه أبو جعفر عليه السلام، ثم قال للغلام: ائتني بعيبة كذا وكذا، فأتي بها، ثم قال للوالي: إن ادعى فوق هذا فهو كاذب مبطل في جميع ما ادعى، وعندي عيبة أخرى لرجل آخر وهو يأتيك إلى أيام، وهو رجل من أهل بربر فإذا أتاك فأرشده إلي فإن عيبته عندي، وأما هذان السارقان فلست ببارح من هاهنا حتى تقطعهما، فأتى بالسارقين فكانا يريان أنه لا يقطعهما بقول أبي جعفر عليه السلام فقال أحدهما: لم تقطعنا ولم نقر على أنفسنا بشئ؟ قال: ويلكما يشهد عليكما من لو شهد على أهل المدينة لأجزت شهادته، فلما قطعهما قال أحدهما: والله يا أبا جعفر لقد قطعني بحق، وما سرني أن الله جل وعلا أجرى توبتي على يد غيرك، وأن لي ما حازته المدينة، وأني لاعلم أنك لا تعلم الغيب،
(٢٥٨)