" جبرئيل بن أحمد، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن مهران، قال: حدثني أحمد بن النضر، عن عبد الله بن يزيد الأسدي، عن فضيل بن الزبير، قال: مر ميثم التمار على فرس له، فاستقبل حبيب بن مظاهر الأسدي، عن مجلس بني أسد، فتحدثا حتى اختلفت أعناق فرسيهما، ثم قال حبيب: لكأني بشيخ أصلع، ضخم البطن، يبيع البطيخ عند دار الرزق، قد صلب في حب أهل بيت نبيه (عليهم السلام)، يبقر بطنه على الخشبة! فقال ميثم: وإني لأعرف رجلا أحمر، له ضفيرتان، يخرج لنصرة ابن بنت نبيه، فيقتل، ويجال برأسه بالكوفة، ثم افترقا فقال أهل المجلس: ما رأينا أحدا أكذب من هذين! قال: فلم يفترق أهل المجلس، حتى أقبل رشيد الهجري، فطلبهما فسأل أهل المجلس عنهما، فقالوا:
افترقا وسمعناهما يقولان كذا وكذا، فقال رشيد: رحم الله ميثما ونسي " ويزاد في عطاء الذي يجئ بالرأس مائة درهم " ثم أدبر فقال القوم: هذا والله أكذبهم.
فقال القوم: والله ما ذهبت الأيام والليالي، حتى رأينا ميثما مصلوبا على باب دار عمرو بن حريث، وجئ برأس حبيب بن مظاهر، قد قتل مع الحسين (عليه السلام)، ورأينا كل ما قالوا.
وكان حبيب من السبعين الرجال الذين نصروا الحسين (عليه السلام)، ولقوا جبال الحديد واستقبلوا الرماح بصدورهم، والسيوف، بوجوههم، وهم يعرض عليهم الأمان، والأموال، فيأبون ويقولون: لا عذر لنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن قتل الحسين ومنا عين تطرف، حتى قتلوا حوله، ولقد خرج حبيب ابن مظاهر الأسدي وهو يضحك، فقال له يزيد بن حصين الحمداني، وكان يقال له سيد القراء: يا أخي ليس هذه بساعة ضحك، قال: فأي موضع أحق من هذا بالسرور، والله ما هو إلا أن تميل علينا هذه الطغاة بسيوفهم فنعانق الحور العين.
قال الكشي: هذه الكلمة مستخرجة من كتاب مفاخرة البصرة والكوفة ". (انتهى).