3 - رواية صفوان وأضرابه:
ومما قيل أيضا بثبوته في التوثيقات العامة أو الحسن: هو رواية صفوان، أو ابن أبي عمير، أو أحمد بن محمد بن أبي نصر وأضرابهم عن شخص، فقد قيل إنهم لا يروون إلا عن ثقة، وعليه فيؤخذ بمراسيلهم ومسانيدهم، وإن كانت الواسطة مجهولا أو مهملا.
أقول: الأصل في هذه الدعوى هو الشيخ - قدس سره -، فقد قال في أواخر بحثه عن خبر الواحد في كتاب العدة: (وإذا كان أحد الراويين مسندا والآخر مرسلا، نظر في حال المرسل. فإن كان ممن يعلم أنه لا يرسل إلا عن ثقة موثوق به، فلا ترجيح لخبر غيره على خبره، ولأجل ذلك سوت الطائفة بين ما يرويه محمد بن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، وأحمد بن محمد بن أبي نصر، وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عمن يوثق به، وبين ما أسنده غيرهم..).
ولكن هذه الدعوى باطلة، فإنها اجتهاد من الشيخ قد استنبطه من اعتقاده تسوية الأصحاب بين مراسيل هؤلاء ومسانيد غيرهم. وهذا لا يتم.
أولا: بأن التسوية المزبورة لم تثبت، وإن ذكرها النجاشي أيضا في ترجمة محمد بن أبي عمير، وذكر أن سببها ضياع كتبه وهلاكها، إذ لو كانت هذه التسوية صحيحة، وأمرا معروفا متسالما عليه بين الأصحاب، لذكرت في كلام أحد من القدماء لا محالة، وليس منها في كلماتهم عين ولا أثر.
فمن المطمأن به أن منشأ هذا الدعوى هو دعوى الكشي الاجماع على تصحيح ما يصح عن هؤلاء. وقد زعم الشيخ أن منشأ الاجماع هو أن هؤلاء لا يروون إلا عن ثقة، وقد مر قريبا بطلان ذلك. ويؤكد ما ذكرناه أن الشيخ لم يحص ما ذكره بالثلاثة المذكورين بل عممه لغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنهم لا يروون إلا عمن يوثق به. ومن الظاهر أنه لم يعرف أحد بذلك من غير