كان فرض السفر لصلاة الظهر ركعتين لم يكن الفرض ناقصا، وإن كان على الشطر من صلاة الحضر، كما أن صلاة العليل جالسا لا يكون فرضها ناقصا كذلك إذا صام الكفارة فصام شهرين ناقصين لا تكون الكفارة ناقصة. وهذا يدلك على أن واضع الحديث عامي غفل بعيد من العلماء، وحاشا أئمة الهدى عليهم السلام مما أضافه إليهم الجاهلون، وعزاه إليهم المفترون والله المستعان.
فهذه الأحاديث الثلاثة مع شذوذها، واضطراب سندها وطعن العلماء في رواتها التي يعتمد عليها أصحاب العدد المتعلقون بالنقل، وقد بينا ضعف التعلق بها مما فيه كفاية (والحمد لله).
وتقدم كلام الشيخ الطوسي في ذلك قريبا.
ولا شك في أن المفيد والشيخ كانا يعاملان مع روايات الكافي والفقيه وغيرها من الروايات المودعة في الكتب والأصول معاملة الخبر غير القطعي فإن كان راويها من الضعفاء أو كانت الرواية مرسلة طرحاها، سواء كانت الرواية مروية في الكافي أو الفقيه أو غيرهما من الكتب والأصول المعروفة والمشهورة.
وليت شعري إذا كان مثل المفيد والشيخ - قدس سرهما -، مع قرب عصرهما، وسعة اطلاعهما لم يحصل لهما القطع بصدور جميع هذه الروايات من المعصومين عليهم السلام، فمن أين حصل القطع لجماعة متأخرين عنهما زمانا ورتبة؟ أو ليس حصول القطع يتوقف على مقدمات قطعية بديهية أو منتهية إلى البداهة؟.
وقد ذكر صاحب الوسائل لاثبات ما ادعاه من صحة ما أودعه في كتابه من الاخبار، وصدورها من المعصومين عليهم السلام وجوها، سماها أدلة، ولا يرجع شئ منها إلى محصل، ولا يترتب على التعرض لها والجواب عنها غير تضييع الوقت، وأحسنها الوجه الأول الذي أشرنا إليه وأجبنا عنه، ولا بأس أن نذكر له كلاما في المقام ليظهر للباحث حال بقية ما ذكره دليلا على مدعاه. قال في الوجه التاسع مما ذكره: