تكملة أمل الآمل - السيد حسن الصدر - الصفحة ٢٢
وقد سالت بهذه المنقبة أسلات الألسنة وجرت سيولا من أنابيب الأقلام فأغنانا ذلك تفصيلها وفتح الله على هذا الامام العظيم أبواب الخيرات بالأموال منهمرة، وفجر له كنوز الأرض قناطير مقنطرة، فعزفت نفسه القدسية عنها رغبة عن الثراء وزهدا في الاستكثار وايثارا لمهمات الأمة ومصالحها العامة (1.
وكان أعلى الله مقامه يؤثر (في صرف الأموال) فريقين: أحدهما أهل العلم ليتخرجوا من معادهم ومدارسهم العلمية دعاة إلى الحق وقادة إلى سبيله.
وثانيهما الضعفاء والبائسون من اليتامى والأيامى والفقراء والمساكين وأبناء السبيل من الشيعة في أقطار الأرض التي كانت تأتيه منها. فأما من كل في سامراء من الفريقين كليهما فقد كانوا بأجمعهم عيالا عليه في جميع شؤونهم، وقد وسعهم عطاؤه وغمرتهم نعمته.
وأما من كان من الفريقين في غير سامراء من جميع الأنحاء التي تجبى إليه منها تلك الأموال فقد أجرى عليهم نفقاتهم رواتب تأتيهم في كل شهر أينما كانوا، فكانت هوادي نعمه عليهم متصلة بتواليها وكانت سوابقها مردفة بلواحقها، فكل نعمة من نعمه عليهم كانت تتم غوابر أنعامه وتضاعف سوالف ايلائه.
ولا تسل عن الوفود التي كانت تنتجع فضله وتستمطر معروفه فيجزل لهم من ؟ ويسبغ عليهم من نعمه ما يجعلهم يثنون على جميله ثناء الزهر على القطر، ولا غرو فان الشكر قيد النعم الموجودة وصيد النعم المفقودة.
وقد أدركت أيامه أعلى الله مقامه في هجرتي العلمية إلى سامراء سنة 1310

١) كبناء المدارس والمساجد، وقد بنى في سامراء مدرستين كبيرتين أنفق عليهما أموالا كثيرة، وبنى فيها جسر وصل به ضفتي دجلة أنفق عليه نحوا من عشرة آلاف ليرة عثمانية ذهبا أو أكثر، لكن الحكومة العثمانية حيث استولت عليه لم تحتفظ به فإذا هو الان لا عين ولا أثر، وقد رجع زوار العسكريين إلى ما كانوا عليه من الخطر. فانا لله وانا إليه راجعون.
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست