تكملة أمل الآمل - السيد حسن الصدر - الصفحة ١٧
زند آماله، وأنزل أمانيه منه منزل صدق فما خدعته فيه الأماني والا كذبته فيه الظنون.
ورسخت بين السيد وبين كل من أبطال تلك الحوزة قواعد المودة، وتوثقت عرى المصافاة واستحصفت أسباب الولاء وأمر حبل الاخاء، فكانوا جميعا رحماء بينهم يغدون على أستاذهم ومربيهم ويروحون من كل يوم ولاهم لهم الا الايغال في البحث والامعان في التنقيب والتقصي في التدقيق، واستبطان دخائل العلم واستجلاء غوامضه وخوض عبابه والغوص على أسراره واستخراج مخبآته والإحاطة بفروعه وأصوله، دائبين في ذلك تارة مع أستاذهم أوقات دروسه وأخرى معه في غير أوقات الدرس، وكثيرا ما يكون ذلك على سبيل المناظرة فيما بينهم. وقد يكون هذا بينهم وبين من هم دونهم من تلامذتهم وغير تلامذتهم.
هذا شأن السيد صاحب العنوان وشأن أترابه منذ حلوا في سامراء حتى ارتحلوا.
وكانت إقامة السيد فيها نحوا من سبع عشرة سنة ما جف فيها لبده ولا فاتته فيها نهزة، وكان دأبه فيها تعقب خطوات أستاذه الامام وسائر أساتذته الاعلام، متتبعا أطوار الابطال من أركان تلك الحوزة في سامراء، مستقرئا طرائق الماضين من أساطين الامامية، يتعرف بذلك مداخل العلماء في التحقيق والتدقيق وخارجهم، ويتدبر أساليبهم في النقض والابرام واستنباط الاحكام ليطبع على أفضلهم وينهج غرارا منهاج أعدلهم أسلوبا وأمثلهم طريقة، شأن من عناهم الله سبحانه بقوله " الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب ".
كانت أوقاته في سامراء مرتبة بين حضور على أستاذه الامام ومناظرة مع أترابه الاعلام ومحاضرة يلقيها على تلامذته وتأليف ينفرد فيه بكتابه وعبادة ينقطع فيها إلى محرابه.
وكان بينه وبين الامام المحقق المقدس الميرزا محمد تقي الشيرازي مذاكرة
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست