تكملة أمل الآمل - السيد حسن الصدر - الصفحة ٢٣
أيام كانت الدنيا لذلك الامام مستوسقة وأمورها له متسقة والعلم والدين ضاربين بحرا بينهما، وكانت الدار به وبأصحابه جامعة والحبل بينهم وبين الأمة متصلا والمزار أمما، فشهدت بعيني كثيرا مما أوردته من خصائصه. أما ما لم أره بعيني فقد شهدته أذناي متواترا من أفواه أولئك الاعلام من حجج الاسلام وغيرهم.
وقد أشاد به الخطباء وتغنت به الشعراء، ولو جمع ما أشادوا وما تغنوا به لكان طوامير ودواوين، وحسبك منه في هذا العجالة المستطردة قول بعض الأفاضل من السادات الاشراف في رثائه أعلى الله مقامه:
من للوفود التي تأتي على ثقة * بأن واديك فيه العارض الهتن إليك قد يمموا من كل قاصية * بالبر والبحر تجري فيهم السفن يلقون في رحبك الزاهي عصيهم * كأنهم بمجاني أهلهم سكنوا فينزلون على خصب إذا نزلوا * ويظعنون بشكر منك ان ظعنوا فلا ببذلك ماء الوجه مبتذل * ولا بمنك تنكيد ولا منن كأن أبناء أيتام الورى تركوا * لهم كنوزا - بسامراء - تختزن تسعى إليهم برزق فيه ما تعبوا * كالعشب تتعب في اروائه المزن أسعد الله هذا الامام بوزراء من أركان حوزته كانوا من ذوي العقول الثاقبة والأحلام الراجحة من كل ذي رأي جميع، وقلب واع. وكان أبو محمد الحسن الصدر - صاحب العنوان - رئيهم 1) وجماعهم 2)، ابتلاهم سيدهم فما وجد فيهم الا مشير صدق ونصح واخلاص وشفقة، فناط بهم ثقته وألقى إليهم مقاليده في تلك الزعامة العظمى والرئاسة العامة، فأخلصوا له النصح واجتهدوا له المشورة. وكان أمره شورى بينه وبينهم، فاتسق بوزارتهم ما اتسق من أمور

1) أي صاحب رأيها.
2) أي الذي يأوون إلى رأيه وسؤدده.
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست