الدنيا والدين.
وكان من أخصهم في هذه الوزارة سيدنا صاحب العنوان، صفى إليه أستاذه بوده وكان له موضع خاص من نفسه ومكان مكين من قلبه، يساره في دخائله - قبل وضعها على بساط الشورى - اخلادا إليه بالثقة واعتمادا عليه بحصافة الرأي، ثم يحليها إلى الشورى التي كان لا يورد في مهمات الأمور العامة ولا يصدر الا عنها. حتى كأنه وأصحابه هم المعنيون بقوله عز من قائل " والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون ".
هكذا كان أيام زعامته كلها، وهكذا كان أصحابه البررة الخيرة مخلصين لله عز وجل في أعمالهم حتى لقوا الله تعالى حنفاء مخلصين له الدين.
وكانت وفاته أعلى الله مقامه في سامراء ليلة الأربعاء الرابع والعشرين من شعبان سنة 1312، وحمل على رؤوس الخلائق وأكفهم من سامراء إلى النجف الأشرف مسافة ثمان مراحل على راكب الدابة، تداول حمله عامة الناس ممن هم في سامراء والنجف وما بينهم من المدن والقرى والبوادي، فكان الاجتماع عظيما لم ير مثله أبدا، داولوا حمله عشيرة عشيرة وحيا حيا ومدينة مدينة وقرية قرية، وتزاحموا على التبرك والتشرف متهافتين عليه ألوفا ألوفا تهافت الهيم العطاش على الماء، وجددوا به العهد بالضرائح المقدسة، وصلوا عليه في المشاهد الأربعة. وكان لأهل بغداد والمشاهد المشرفة وما حولها ولا سيما النجف الأشرف حالات في استقبال النعش وتشييعه يكل عنها الوصف ويضيق دونها البيان.
وقد دفن طاب رمسه يوم الخميس الثاني من شهر رمضان في مدرسته جانب الصحن الشريف الحيدري، ونزل في قبره الشريف تلميذه الإمام أبو محمد الحسن الصدر صاحب العنوان، وكان على رأس المشيعين له من العلماء والزعماء