وإذا أوغل في البحث وأمعن في التنقيب استبطن الدخائل واستجلى الغوامض واستخرج المخبآت ومحص الحقائق.
وبرجوعه إلى الكاظمية على عهد المقدس والده قد استأنفا نشاطهما للبحث عن غوامض العلوم وأرهفا عزائمهما لذلك جريا على عادتهما المستمرة كلما اجتمعتا منذ نشأ أبو محمد حتى شاخ.
ما ضمهما مكان الا وكان على جمام من النفس وانشاط للبحث وارتياح إلى العلم وينتهزان فرصة الاجتماع فلم تفتهما نهزة ولا ضيعا فرصة.
وإذا انبرى للوعظ والارشاد فجر الله على لسانه ينابيع الحكمة فملك أعنة القلوب ورد شوارد الأهواء وقاد حرون الشهوات وقوم زيغ النفوس، فخشعت الابصار وخفقت الأفئدة خشية ورقة.
لم يمض عليه (بعد رجوعه إلى الكاظمية) سنتان حتى أصيب بالمقدس أبيه فكن رزؤه به عظيما وقام بمهماته كلها وزيادة.
أبى أولا على الناس أن يقلدوه، فأرجعهم منذ توفي أستاذه الأكبر إلى ابن عمه المقدس السيد إسماعيل الصدر، فلما توفي ابن عمه سنة 1338 قام بالامر بعده، فظهرت رسالته العملية - رؤوس المسائل المهمة - وعلق على كل من تبصرة العلامة ونجاة العباد والعروة الوثقى تعاليق جعلتها مراجع لمقلديه، فتداولت بينهم متقربين إلى الله تعالى بالعمل على مقتضاها.
وكان أعلى الله مقامه أيام سفارته وقبلها من أقوم أولياء آل محمد بمهامهم وأحوطهم على أحكامهم وأحناهم على يتاماهم 1)، وقد ضرب أطنابه على نصرهم ووقف حياته على احياء أمرهم، فكان لا يستوطئ في ذلك راحة ولا تفوته فرصة حتى لحقهم في دار كرامتهم عليهم السلام.