(وفيه) ان الاحتياط العقلي عبارة عن حكم العقل بالإتيان بأطراف العلم الإجمالي أو بتركها لتنجز التكليف المعلوم فيها بسبب العلم الإجمالي لا انه نفس حكم العقل بتنجز التكليف (وعليه) فالصحيح في الجواب أن يقال هكذا ان حكم العقل بالاحتياط في العلم الإجمالي هو بمنزلة حكم العقل بوجوب المتابعة في العلم التفصيلي فكما يحكم العقل في الثاني بإتيان الفعل أو بتركه لتنجز التكليف المتعلق به العلم التفصيلي فكذلك يحكم في الأول بإتيان الأطراف أو بتركها لتنجز التكليف المتعلق به العلم الإجمالي وليس الاحتياط شيئا آخر غير الحكم المذكور كي يقوم مقام القطع في هذا الحكم المترتب على القطع فافهم جيدا.
(واما الاحتياط النقلي) وهو إلزام الشارع به بمقتضي الأخبار الكثيرة مثل قوله عليه السلام قف عند الشبهة فان الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة ونحو ذلك من الاخبار التي سيأتي تفصيلها في أصل البراءة إن شاء الله تعالى فهو وان كان منجزا للتكليف عند الإصابة كالقطع ولكن لا نقول به في الشبهات البدوية وان قال به الأخباريون في الشبهات التحريمية الحكمية على ما ستعرف تفصيله مع تفصيل الجواب عنهم في محله واما في الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي فهو ليس بنقلي بل عقلي وقد عرفت الجواب عن العقلي (وفيه) ان مقتضي ذلك انه لو قلنا بالاحتياط النقلي في الشبهات البدوية ولو في خصوص التحريمية الحكمية كالأخباريين لصح القول حينئذ بقيامه مقام القطع وهو كما ترى ضعيف إذ ليس ملاك القيام كما أشرنا آنفا هو مجرد كون الشيء منجزا للتكليف كالقطع بل الملاك هو سنخيته معه في الكاشفية والنظر إلى الواقع علاوة على منجزيته للتكليف وذلك كما في الأمارات المعتبرة وبعض الأصول العملية كالاستصحاب وأصالة الصحة ونحو هما بناء على كونهما أصلين عملين (هذا مضافا) إلى ما يرد على كلامه الأخير من عدم كون الاحتياط بنقلي في الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي وذلك لما سيأتي من جملة الأخبار الآمرة بالتوقف المعللة بأنه خير من الاقتحام في الهلكة على الشبهات