دعوى المصنف انه لا معنى لقيام الأصول العملية بدليل حجيتها واعتبارها مقام القطع الا الاستصحاب (وقد أفاد) في وجه ذلك ما حاصله ان المراد من قيام المقام ليس الا ترتيب ما للقطع من الآثار والأحكام وهي كما تقدم المنجزية عند الإصابة والعذرية عند الخطأ وحكم العقل بوجوب المتابعة والآثار المذكورة هي مما لا تترتب على الأصول العملية كقاعدة الطهارة أو الحل أول البراءة الشرعية وما أشبه ذلك الا على الاستصحاب فقط فإنها ليست الا مجرد وظائف مقررة للجاهل في وعاء الجهل والحيرة اما من الشرع كما في الأصول المذكورة أو من العقل كما في البراءة العقلية وأصالة التخيير والاحتياط العقلي في موارد العلم الإجمالي.
(أقول) هذا مضافا إلى ما ستعرفه من انه لا بد وان يكون للشيء القائم مقام القطع سنخية مع القطع في الكشف والطريقية كي صح أن يقال انه قد قام مقامه ولا سنخية للأصول العملية مع القطع واليقين الا للاستصحاب فكما ان القطع طريق إلى الواقع كاشف عنه فكذلك الاستصحاب له جهة كشف ونظر إلى الواقع وان لم تكن هي ملاك حجيته شرعا عند من لا يراه أمارة بل يراه أصلا (ومن هنا يظهر) انه صح دعوى قيام كل أصل عملي له جهة كشف ونظر إلى الواقع مقام القطع واليقين كأصالة الصحة وقاعدة التجاوز وقاعدة الفراغ ونحوها بناء على كونها أصولا عملية لا أمارات شرعية.
(قوله لا يقال ان الاحتياط لا بأس بالقول بقيامه مقامه في تنجز التكليف لو كان... إلخ) (وحاصل الإشكال) ان القطع كما انه يتنجز به التكليف فكذلك الاحتياط يتنجز به التكليف فصح القول بقيام الاحتياط مقام القطع كما صح ذلك في الاستصحاب عينا (وحاصل جواب المصنف) انه اما الاحتياط العقلي فليس الا نفس حكم العقل بتنجز التكليف وصحة العقوبة وليس شيئا آخر يقوم مقام القطع في هذا الحكم