يفعل الا ترى أن المولى الحكيم إذا أمر عبده بقتل عدو له فصادف العبد ابنه وقطع بأنه ذلك العدو فتجري ولم يقتله ان المولى إذا اطلع على حاله لا يذمه بهذا التجري بل يرضى به وان كان معذورا لو فعل وكذا لو نصب له طريقا غير القطع إلى معرفة عدوه فأدى الطريق إلى تعيين ابنه فتجري ولم يفعل وهذا الاحتمال حيث يتحقق عند المتجري لا يجديه إن لم يصادف الواقع ولهذا يلزمه العقل بالعمل بمقتضي الطريق المنصوب لما فيه من القطع بالسلامة من العقاب بخلاف ما لو ترك العمل به فان المظنون فيه عدمها ومن هنا يظهر ان التجري على الحرام في المكروهات الواقعية أشد منه في مباحاتها وهو فيها أشد في مندوباتها ويختلف باختلافها ضعفا وشدة كالمكروهات ويمكن ان يراعي في الواجبات الواقعية ما هو الأقوى من جهاتها وجهات التجري (انتهى) (ثم ان الشيخ أعلى الله مقامه) نقل العبارة المذكورة بطولها في الرسائل ثم بفصل يسير نقل عبارة أخرى منه لم أجدها في الفصول في الفصل المذكور ولعلها في غيره (قال) ثم انه ذكر هذا القائل يعني به صاحب الفصول في بعض كلماته ان التجري إذا صادف المعصية الواقعية تداخل عقابهما (انتهى) ومقصوده من تصادف التجري مع المعصية الواقعية ان يعتقد حرمة شيء ثم ينكشف حرمته من غير الجهة التي اعتقد حرمته كما إذا اعتقد انه خمر فشربه ثم انكشف انه كان دما أو مائعا مغصوبا ولم يكن خمرا (ثم ان) ظاهر المصنف انه بصدد الجواب عن العبارة الأخيرة فقط وان الفصول قائل بعقابين متداخلين في مطلق المعصية الحقيقية وليس كذلك وانما التزم به في خصوص التجري المصادف مع المعصية الحقيقية (وعلى كل حال) حاصل الجواب انه لا وجه لاستحقاق عقابين متداخلين بعد اتحاد المنشأ له وهو هتك واحد وعلى تقدير استحقاقهما لا وجه لتداخلهما كما لا يخفى.
(أقول) وبهذا الجواب يندفع ما قد يتوهم انه يلزم المصنف الذي ادعى كون العقاب في