(أقول) لا إشكال في ان هذا النزاع غير جار في التعبديات بلا كلام كما يظهر من استدراك الشيخ أعلى الله مقامه بقوله نعم لو أخذ... إلخ وذلك لوضوح انه لا يجتمع فيها عدم الالتزام بالوجوب مع الإتيان بها بقصد القربة بل يختص هذا النزاع بالتوصليات فقط (وتوهم) ان النزاع في التوصليات من حيث وجوب الالتزام بها وعدمه مساوق للنزاع فيها في اعتبار قصد القربة وعدمه (فاسد جدا) فان وجوب الالتزام بها غير وجوب الإتيان بها متقربا إلى الله تعالى إذ من الممكن ان يلتزم بها ويعقد القلب عليها ولا يؤتي بها بداعي وجوبها ومتقربا بها إلى الله تعالى.
(ثم ان الحق) ان وجوب الالتزام بالأحكام الشرعية الإلهية التي جاء بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الحلال والحرام مع قطع النظر عن العمل بها ثابت لازم عقلا وليس وجوبه مقدميا محضا لأجل العمل بها على نحو لا يكون فرق بين من لم يعمل بالأحكام الشرعية ولم يعتقد بها أصلا وبين من لم يعمل بها واعتقد بها وخضع لها (بل الظاهر) ان الالتزام بالأحكام الشرعية الإلهية واجب نفسيا من حيث هو كالأصول الاعتقادية عينا على نحو لا يكون المؤمن مؤمنا إذا لم يذعن بأحد الأحكام الإلهية بعد حصول العلم له واليقين به فضلا عما إذا لم يذعن بجميعها ولم يلتزم بشيء منها ويظهر ذلك كله من الاخبار الكثيرة أيضا المروية في الوافي في كتاب الإيمان والكفر في أبواب تفسير الإيمان والإسلام سيما باب حدود الإيمان والإسلام ففي بعضها قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أوقفني على حدود الإيمان فقال شهادة أن لا اله الا الله وان محمدا رسول الله والإقرار بجميع ما جاء به من عند الله (الحديث).
(وبالجملة) ان اللازم في الأمور الاعتقادية هو مجرد الاعتقاد بها وفي الأحكام الشرعية مضافا إلى وجوب الاعتقاد بها ولو بنحو الإجمال يجب الإتيان بها خارجا فان كان الواجب توصليا وجب الإتيان به ولو لا بداعي وجوبه وان