(أقول) وفي كل من كلامي الشيخ والمصنف إلى هنا ما لا يخفى نظرا إلى ما عرفته منا في الفور والتراخي مشروحا من ان الضابط في الإرشادية هو ان لا يكون الأمر أو النهي بداعي الإرادة أو الكراهة المنقدحة في نفس الآمر أو الناهي كي يستتبع القرب والثواب أو البعد والعقاب بل كان لمحض الإرشاد إلى ما في الفعل من الخواص والآثار والمنافع والمضار نظير أمر الطبيب بشرب المسهل ونهيه عن استعمال الحامض وان هذا المعنى وإن كان قد يتحقق في الموالي العرفية لجواز أن لا يكون المنافع أو المضار عائدة إلى الآمر أو إلى من يمس به كي يوجب انقداح الإرادة أو الكراهة في نفسه على طبقها ولكن في الموالي الشرعية لا يكاد يمكن ذلك نظرا إلى ان شدة لطفهم بالعباد مما توجب ان تكون المصالح أو المفاسد العائدة إليهم كالمصالح أو المفاسد العائدة إلى أنفسهم أو إلى من يمس بهم موجبة لانقداح الإرادة أو الكراهة في أنفسهم المقدسة على طبقها (وعليه) فجميع الأوامر والنواهي الشرعية مولوية ناشئة عن الإرادة والكراهة حتى في مثل الأمر بالإطاعة والنهي عن المعصية (ومجرد) امتناع تعلق إرادة مستقلة بفعل الأولى وترك الثانية غير إرادة فعل الواجبات وترك المحرمات لأجل عدم كون الإطاعة والمعصية أمرا آخر غير فعل الواجبات وترك المحرمات (مما لا يوجب) ان يكون الأمر والنهي المتعلقين بهما إرشاديين فإن ملاك الإرشادية هو خلو الأمر أو النهي عن الإرادة أو الكراهة القلبية لا عدم تعلق الإرادة المستقلة بهما ومن المعلوم ان الأمر بهما غير خاليين عن الإرادة أو الكراهة وان كانت هي عين الإرادة أو الكراهة الموجودة في الواجبات أو المحرمات (ومن هنا) إذا أتى المكلف بالواجبات وترك جميع المحرمات لا بداعي الأوامر والنواهي المتعلقة بهما بل بداعي الأمر بالإطاعة والنهي عن المعصية لوقع الفعل مقربا وعبادة وان كان الفعل عباديا فلو لم يكن الأمر بالإطاعة مولويا ناشئا عن إرادة نفسانية موجبة للقرب والبعد لم يقع الفعل عبادة ومقربا بسبب
(٣٣٨)