عناية الأصول في شرح كفاية الأصول - السيد مرتضى الحسيني اليزدي الفيروز آبادي - ج ٣ - الصفحة ٢٠٢
انتهى (ومحصله) انا سلمنا ان الآية الشريفة تدل مفهوما اما من جهة الشرط أو الوصف على ان خبر العادل حجة مطلقا ولو لم يفد العلم ولكن التعليل بقوله تعالى أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين مما يدل منطوقا على ان الخبر الذي لا يؤمن الوقوع في الندم من العمل به ليس بحجة ولو كان المخبر عادلا والترجيح للتعليل (فإنه مضافا) إلى كونه منطوقا لا مفهوما ان نفس التعليل بأمر عام مشترك بين كل من نبأ الفاسق والعادل الغير المفيد للعلم جميعا وهو إصابة القوم بجهالة مما يوجب نفي المفهوم للآية الشريفة من حجية نبأ العادل مطلقا ولو لم يفد العلم فتدبر جيدا.
(قوله ولا يخفى ان الإشكال انما يبتنى على كون الجهالة بمعنى عدم العلم مع ان دعوى انها بمعنى السفاهة وفعل ما لا ينبغي صدوره من العاقل غير بعيدة... إلخ) إشارة إلى ما تفصى به بعضهم عن الإيراد الثاني من الإيرادين المشهورين بعدم إمكان دفعهما (قال الشيخ) أعلى الله مقامه ثم ان المحكي عن بعض منع دلالة التعليل على عدم جواز الإقدام على ما هو مخالف للواقع بان المراد بالجهالة السفاهة وفعل ما لا يجوز فعله لا مقابل العلم بدليل قوله تعالى فتصبحوا على ما فعلتم نادمين انتهى (وحاصله) ان المراد بالجهالة ليس ما يقابل العلم كي يكون التعليل مشتركا بين كل من نبأ الفاسق والعادل الغير المفيد للعلم جميعا ويوجب نفي المفهوم للآية الشريفة بل المراد بالجهالة السفاهة وفعل ما لا ينبغي صدوره من العاقل فيختص بنبأ الفاسق فقط ولا يكاد يشمل نبأ العادل كي ينافي المفهوم وحجية نبأه مطلقا ولو لم يفد العلم أقول ويؤيده بل يدل عليه قوله تعالى في سورة النساء انما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم الآية (فان الظاهر) من الجهالة فيها بقرينة قوله ثم يتوبون من قريب ليس ما يقابل العلم بل المراد منها
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»