عناية الأصول في شرح كفاية الأصول - السيد مرتضى الحسيني اليزدي الفيروز آبادي - ج ٣ - الصفحة ٢٠٣
صدور ما لا ينبغي صدوره عن العاقل المتأمل في عواقب الأمور أي انما التوبة على الله للذين يعملون السوء بسفاهة ثم يندمون ويتوبون من قريب فيتوب الله عليهم (وقد ذكر الطبرسي) أعلى الله مقامه في تفسير الآية انه روي عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال كل ذنب عمله العبد وان كان عالما فهو جاهل حين خاطر بنفسه في معصية ربه فقد حكى الله تعالى قول يوسف لإخوته هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون فنسبهم إلى الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله انتهى (هذا ولكن قد أورد الشيخ) أعلى الله مقامه على التفصي المذكور بقوله وفيه مضافا إلى كونه خلاف ظاهر لفظ الجهالة ان الإقدام على مقتضي قول الوليد يعني به من نزلت الآية في حقه لم يكن سفاهة قطعا إذ العاقل بل جماعة من العقلاء لا يقدمون على الأمور من دون وثوق بخبر المخبر بها انتهى.
(أقول) وفيه مضافا إلى ان المعنى المذكور أي فعل ما لا ينبغي صدوره عن العاقل هو الظاهر من لفظ الجهالة كما عرفت في آية التوبة سيما بعد ورود الحديث المذكور في تفسيرها (ان العاقل) قد يقدم على فعل ما لا ينبغي صدوره عنه غفلة منه في الأمر الذي أقدم فيه فينبهه الأعقل إلى فعله وانه قد أقدم على ما لا ينبغي صدوره عنه فيتركه ويدعه (ثم ان الشيخ) أعلى الله مقامه قد ذكر معنى آخر للجهالة يحصل به التفصي أيضا وهو ان يكون المراد من التبين في قوله تعالى فتبينوا هو الظهور والانكشاف الاطمئناني لا التبين العلمي ويكون المراد من الجهالة ما يقابل الظهور والانكشاف الاطمئناني فيختص التعليل بنبأ الفاسق فقط ولا يعم نبأ العادل كي ينافي المفهوم فان خبر العادل مما يورث الانكشاف الاطمئناني غالبا بخلاف نبأ الفاسق (قال أعلى الله مقامه) وهذا الإيراد يعني به الإيراد الثاني المحكي عن العدة والذريعة وغيرهما مبني على ان المراد بالتبين هو التبين العلمي كما هو مقتضي اشتقاقه ويمكن أن يقال ان المراد منه ما يعم الظهور العرفي الحاصل من الاطمئنان الذي هو في مقابل الجهالة
(٢٠٣)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، الجهل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»