انتفاء الشرط عن الموضوع المذكور في القضية لا عن الموضوع الأجنبي ففي مثل قول إن جاءك زيد فأكرمه إذا انتفى المجيء ينتفي الوجوب عن إكرام زيد المذكور في القضية لا عن إكرام عمرو الغير المذكور فيها والمقام على التوهم المزبور من قبيل الثاني أي ان لم يجئ الفاسق بالنبأ فلا يجب التبين عن نبأ العادل وهو كما قلنا فاسد جدا (ثم إنك إذا عرفت هذا كله فنقول) إن حاصل كلام المصنف في دفع الإيراد أنه لو قررنا مفهوم الشرط على التقريب المتعارف المشهور من كون الشرط هو نفس مجيء الفاسق بالنبأ فالقضية مسوقة لبيان تحقق الموضوع فلا مفهوم لها أو مفهومها السالبة بانتفاء الموضوع واما لو قررنا المفهوم على التقريب المتقدم ذكره من ان الحكم بوجوب التبين عن النبأ الذي جيء به معلق على كون الجائي به فاسقا بحيث كان المفهوم هكذا أي ان لم يكن الجائي بالنبأ فاسقا بل كان عادلا فلا يجب التبين عنه فالقضية ليست مسوقة لبيان تحقق الموضوع فلا إشكال ولا إيراد.
(أقول) نعم ولكن قد عرفت منا ما في هذا التقريب فان الآية لم يعلق الحكم فيها على كون الجائي بالنبأ فاسقا بل على مجيء الفاسق به فالتقريب السالم عن الإيراد مما لا يستفاد من الآية وما يستفاد من الآية لا يسلم من الإيراد (والظاهر) انه إليه أشار المصنف أخيرا بقوله فافهم كما أشير قبلا فافهم جيدا.
(قوله مع انه يمكن أن يقال إن القضية ولو كانت مسوقة لذلك الا انها ظاهرة في انحصار موضوع وجوب التبين في النبأ الذي جاء به الفاسق إلى آخره) هذا تقريب ثالث للاستدلال بالآية الشريفة من جهة مفهوم الشرط.
(فالتقريب الأول) هو التقريب الذي جعل الشرط فيه كون الجائي بالنبأ فاسقا لا مجيء الفاسق بالنبأ وقد أشار إليه المصنف بقوله وان تعليق الحكم بإيجاب التبين... إلخ.