عناية الأصول في شرح كفاية الأصول - السيد مرتضى الحسيني اليزدي الفيروز آبادي - ج ٣ - الصفحة ٢٠٧
ان الحكم بوجوب التصديق والتعبد بموضوع من الموضوعات لا يمكن الا بلحاظ الأثر الشرعي المترتب عليه في المترتبة السابقة قبل التعبد به والمفروض في المقام ان المخبر به مما لا أثر له في المرتبة السابقة سوى نفس وجوب التصديق الذي هو عين الحكم والتعبد فيلزم اتحاد الحكم مع الموضوع الواجب تحققه في المرتبة السابقة ومن المعلوم ان هذا الإشكال مما لا يجديه شيء من الوجوه المتقدمة كلها فإنها مما لا يثبت بها التغاير والإثنينية بين الحكم والموضوع ولا تقدم أحدهما على الآخر رتبة أصلا وعليه.
(فالحق) في جواب الإشكال على الوجه الثاني من وجوه تقريبه أن يقال إنه لا إشكال في أن قضية صدق العادل كسائر القضايا نحو أكرم العالم ولا تشرب الخمر وغيرهما تنحل إلى قضايا متعددة جزئية بتعدد الأفراد والمصاديق بحيث كان لكل فرد حكم جزئي مختص به منشعب عن القضية الكبيرة المنحلة (كما لا إشكال) في ان المقصود من لزوم كون المخبر به موضوعا ذا أثر شرعي ان يكون المخبر به على تقدير صدق المخبر ذا أثر شرعي لا ان يكون الأثر مترتبا عليه فعلا ولو لم يكن المخبر صادقا والا لما احتجنا إلى التعبد ووجوب التصديق أصلا (فإذا أخبرنا) مثلا بنعق الغراب فلا يصح التعبد به إذ المخبر به على تقدير صدق المخبر مما لا يكون له أثر شرعي بخلاف ما إذا أخبرنا بخمرية مائع موجود فإنه على تقدير صدق المخبر يكون المخبر به مما له أثر شرعي وهو حرمة شربه (وعلى هذا) فإذا أخبرنا المفيد عن الصفار عن العسكري عليه السلام انه يجب كذا وكذا فيصح التعبد بخبر المفيد والحكم بوجوب تصديقه فإنه على تقدير صدقه يكون المخبر به وهو اخبار الصفار لهذا أثر شرعي وهو وجوب تصديق آخر جزئي متعلق به غير ما تعلق بخبر المفيد وهكذا فالحكم فرد من افراد وجوب التصديق والأثر المترتب على المخبر به فرد آخر منه مختص به فلا يتحد الحكم مع الموضوع حينئذ أي مع الأثر المترتب على المخبر به كي يستحيل عقلا.
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»