وكيف كان فقد أورد على الآية إيرادات كثيرة ربما تبلغ إلى نيف وعشرين الا ان كثيرا منها قابلة للدفع فلنذكر أولا ما لا يمكن ذبه أي دفعه (إلى ان قال) اما ما لا يمكن ذبه فإيرادان أحدهما ان الاستدلال ان كان راجعا إلى اعتبار مفهوم الوصف أعني الفسق ففيه ان المحقق في محله عدم اعتبار المفهوم في الوصف (إلى ان قال) وان كان باعتبار مفهوم الشرط كما يظهر من المعالم والمحكي عن جماعة ففيه ان مفهوم الشرط عدم مجيء الفاسق بالنبأ وعدم التبين هنا لأجل عدم ما يتبين فالجملة الشرطية هنا مسوقة لبيان تحقق الموضوع كما في قول القائل إن رزقت ولدا فاختنه وإن ركب زيد فخذ ركابه... إلخ (ثم ان حاصل) الإيراد على تقرير الشرط الذي أشار إليه المصنف بقوله المتقدم ولا يخفى... إلخ هو ان القضية الشرطية على القول بثبوت المفهوم لها انما تدل على الانتفاء عند الانتفاء كما أشير قبلا في مفهوم الشرط في ذيل آية البغاء إذا لم يكن الشرط دخيلا في تحقق موضوع الحكم على نحو إذا انتفى الشرط لم يبق موضوع للحكم أصلا كما في قوله إن رزقت ولدا فاختنه أو إن ركب الأمير فخذ ركابه المشتهر بالشرطية المسوقة لبيان تحقق الموضوع بل كان الشرط شرطا للحكم فقط كما في قوله إن جاءك زيد فأكرمه ففي مثله يقع الكلام في ان الشرط إذا انتفى فهل ينتفي الحكم بانتفائه أم لا بخلاف ما إذا كان الشرط دخيلا في أصل تحقق الموضوع كما في المثالين حيث انه إذا لم يرزق الولد أو لم يركب الأمير فلا ولد كي يجب ختانه أم لا يجب ولا ركاب كي يجب الأخذ به أم لا يجب (ومن المعلوم) ان الآية الشريفة هي من قبيل الأول أي مسوقة لبيان تحقق الموضوع فإن الفاسق ان لم يجئ بالنبأ فلا نبأ كي يجب التبين عنه أم لا يجب فلا مفهوم لها أو مفهومها السالبة بانتفاء الموضوع أي ان لم يجئ الفاسق بالنبأ فلا يجب التبين عنه لعدم الموضوع حينئذ وهو النبأ (وتوهم) ان عدم مجيء الفاسق بالنبأ يشمل ما لو جاء العادل بالنبأ فلا يجب التبين عنه فيثبت المطلوب (فاسد جدا) كما أشار إليه الشيخ أعلى الله مقامه فان المفهوم عبارة عن انتفاء الحكم عند
(١٩٩)