عناية الأصول في شرح كفاية الأصول - السيد مرتضى الحسيني اليزدي الفيروز آبادي - ج ١ - الصفحة ٤٦٥
البطلان وهو جيد متين فيدور الأمر حينئذ بين الوجه الأول وهو وجوب كل واحد على التخيير وبين الوجه الثاني وهو وجوب أحدهما لا بعينه.
(والحق) هو وجوب كل واحد منهما على التخيير كما ذهب إليه الأصحاب رضوان الله عليهم ولكن لا بمعنى عدم جواز ترك كل الا إلى بدل كما تقدم في صدر الفصل ولا بمعنى اشتراط وجوب كل بعدم الإتيان بالبدل كما هو ظاهر المصنف بل صريحه في المبحث السادس من مباحث الصيغة فان كلا المعنيين ضعيفان جدا (أما الأول) فلأنه لو لم يجز ترك كل الا إلى بدل وترك كلا منهما جميعا فقد فعل حرامين لأنه ترك هذا لا إلى بدل وترك ذاك لا إلى بدل فيلزم أن يستحق عقابين مع أنه لا يستحق الا عقابا واحدا (واما الثاني) فلأنه لو وجب كل منهما مشروطا بعدم الإتيان بالبدل وترك كلا منهما جميعا فقد ترك واجبين مطلقين لحصول شرط كل منهما في الخارج وهو عدم الإتيان بالبدل فيجب أن يستحق عقابين أيضا مع أنه لا يستحق الا عقابا واحدا كما ذكرنا (والصحيح) هو وجوب كل واحد منهما على التخيير بمعنى جواز الاكتفاء بأحدهما وترك الآخر رأسا.
(ومن هنا صح) أن يقال ان مرجع وجوبهما تخييرا بهذا المعنى هو إلى وجوب أحدهما لا بعينه فلا يجب الإتيان بالجميع ولا يجوز الإخلال بالجميع والاختيار بيد المكلف إن شاء أتى بهذا وإن شاء أتى بذاك غايته أنه ان صرح الآمر في لسان الدليل بلفظ أحدهما وقال يجب عليك أحد هذين الأمرين أو أحد هذه الأمور فالواجب حينئذ هو مفهوم أحدهما لا بعينه وان لم يصرح به في لسان الدليل بل قال افعل هذا أو افعل ذاك فالواجب حينئذ هو مصداق أحدهما لا بعينه نظير ما إذا علم أن أحد الشيئين أو الأشياء غصب أو نجس فكما أن متعلق العلم حينئذ هو مصداق أحدهما لا مفهوم أحدهما
(٤٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 470 ... » »»