نظير دلالة العمى على البصر بالالتزام فكما ان العمى هو نفس العدم المضاف إلى البصر والبصر خارج عن متن المعنى مدلول له التزاما فكذلك أسماء الإشارة والضمائر مدلولهما نفس الإشارة إلى المفرد المذكور ونحوه أو التخاطب معه والمفرد المذكر خارج عن متن المعنى يدلان عليه بالالتزام (ولعل) بلحاظ هذا المدلول الالتزامي صح حملهما على الغير وصح حمل الغير عليهما فتقول هذا زيد وزيد هذا أو هو عمرو وعمرو هو أو أنت بكر وبكر أنت وهكذا.
في استعمال اللفظ فيما يناسب ما وضع له (قوله الثالث صحة استعمال اللفظ فيما يناسب ما وضع له هل هو بالوضع أو بالطبع... إلخ) بمعنى أن صحة استعمال اللفظ في غير ما وضع له مما يناسبه هل هي تحتاج إلى الوضع النوعي كما ادعى في المجازات أم لا تحتاج إلى ذلك بل يكفيها مجرد استحسان الطبع له (وجهان) أظهرهما الثاني وذلك بشهادة الوجدان بحسن الاستعمال فيما يناسب ما وضع له مما استحسنه الطبع وإن منع عنه الواضع وباستهجان الاستعمال فيما لا يناسب ما وضع له مما لا يستحسنه الطبع وإن رخص فيه الواضع وعليه فالمعيار في صحة استعمال اللفظ في غير ما وضع له وعدمها هو استحسان الطبع له وعدمه لا ترخيص الواضع فيه وعدمه.
(أقول) نعم ولكن الظاهر أن المجاز مع ذلك مما يحتاج إلى الوضع النوعي كما صرح به المحقق القمي في ذيل الاطراد وعدم الاطراد بمعنى أن اللفظ إذا استعمل في غير ما وضع له بإحدى العلائق المعهودة فهو مجاز قطعا وإذا استعمل فيه بمجرد المناسبة مع الموضوع له وباستحسان الطبع له بلا