حتميا ويحكم العقل بمجرد تصور ذاته بأنه لا بد له من الوجود ويمتنع في حقه العدم، وهذا المعنى منحصر المصداق في ذات الله تعالى فهو الواجب لذاته دون غيره.
الرابع: الوجوب الغيرى وهو وجود علة الشئ وتحققها خارجا، فيطلق على الشئ حينئذ انه واجب غيرى; اما وجوبه فلانه لا يمكن أن لا يوجد مع فرض وجود علته التامة واما كونه غيريا فلان المقتضى لوجوده ليس نفس ذاته بل وجود علته والنسبة بينه وبين الواجب الذاتي هي التباين.
الخامس: الوجوب الوقوعي وهو كون الشئ بحيث يلزم من عدم وجوده محذور عقلي ويستلزم عدمه امرا باطلا أو محالا عقليا وان كان ممكنا ذاتا، وذلك كالمعلول الصادر من العلة الواجبة لذاتها والآثار اللازمة للواجب بالذات، فكل موجود خلقه الله تعالى لاقتضاء ذاته وصفاته تعالى خلقه وايجاده من العقل والروح والنور والماء ونحوها فهو واجب وقوعي، إذ يلزم من عدمه عدم ذات الواجب وصفاته وهو خلف محال، والنسبة بينه وبين الوجوب الغيرى عموم من وجه فمادة الافتراق من الغيرى أفعال العباد ومعلولات الممكنات غالبا إذ لا يلزم من عدم فعلنا الا عدم ارادتنا التي هي علة ولا محذور فيه، ومادة الافتراق من الواجب الوقوعي ذات الباري تعالى فإنه كما هو واجب ذاتي واجب وقوعي أيضا إذ يلزم من عدمه الخلف وعدم كونه واجب الوجود، ومادة الاجتماع المعلول الأول الصادر من الله تعالى فإنه واجب وقوعي وواجب غيرى، ومنه تعرف النسبة بين الواجب الذاتي والوقوعي أيضا فان الأول أخص من الثاني إذ كل واجب ذاتي واجب وقوعي وليس كل وقوعي ذاتيا.
السادس: الامتناع الذاتي وهو كون الشئ بحيث يقتضى بذاته العدم اقتضاء حتميا ويحكم العقل بمجرد تصوره انه ممتنع الوجود كشريك الباري واجتماع النقيضين والضدين وتقدم الشئ على نفسه وصدور القبيح من الحكيم كما قيل.
السابع: الامتناع الغيرى وهو عدم تحقق علة الشئ، فكل شئ لم يوجد علته التامة يطلق عليه انه ممتنع غيرى; اما امتناعه فلعدم امكان الشئ بلا علة واما كونه غيريا فلان عدمه ليس لاقتضاء ذاته بل لعدم علة وجوده.
ومثاله غالب الممكنات فإذا لم يصدر منك الأكل والشرب والنوم في وقت معين