إذا عرفت ذلك فاعلم أن الأقل والأكثر اما ان يكونا استقلاليين أو ارتباطيين وعلى كلا التقديرين فاما ان يلاحظا في الشبهة الوجوبية أو في الشبهة التحريمية.
فهنا صور أربع:
الأولى: الأقل والأكثر الاستقلاليان في الشبهة الوجوبية ومثاله ما إذا علم المكلف بفوات صلوات منه وشك في عددها وانها ثلث أو أربع، فهو عالم بتعلق الوجوب وشاك في وجوب القليل أو الكثير; وكذا إذا علم بان عليه دين لزيد وشك في أنه درهم أو درهمان.
فذهب الأكثر فيه إلى وجوب اتيان الأقل واجراء أصالة البراءة عن الأكثر; إذ قد عرفت أن الشك هنا يرجع إلى الشك في التكليف المستقل بالنسبة إلى ما زاد عن الأقل فتجرى البراءة.
الثانية: الأقل والأكثر الاستقلاليان في الشبهة التحريمية، ومثاله ما إذا علم الجنب أو الحايض بحرمة قراءة العزائم وشك في أن المحرم خصوص آية السجدة أو جميع اجزاء السورة فيقول ان التكليف بالأقل معلوم وما زاد منه مشكوك يجرى فيه أصالة البراءة.
الثالثة: الأقل والأكثر الارتباطيان في الشبهة الوجوبية وهذا القسم هو المهم المقصود بالبحث للأصوليين والاختلاف بينهم فيه كثير ويسمونه تارة بالأقل والأكثر الارتباطيين، وأخرى بالشك في جزئية شئ للمأمور به أو شرطيته له. مثاله ما لو علم بتكليف وجوبي وشك في أنه تعلق بالصلاة مع السورة أو بالصلاة بلا شرط السورة فالتكليف معلوم ومتعلقه مردد بين الأقل والأكثر فيرجع هذا الشك إلى الشك في جزئية السورة للصلاة وعدمها.
والأقوال فيه ثلاثة:
أحدها: جريان البراءة العقلية والنقلية بالنسبة إلى تعلق التكليف بالأكثر.
فيقال الأصل عدم تعلق الوجوب بالصلاة المركبة من السورة مثلا واما تعلقه بالأقل فهو معلوم لا مورد للبرائة فيه أو جريان حديث الرفع وغيره بالنسبة إلى الحكم الوضعي أعني جزئية المشكوك واليه ذهب الشيخ (ره) في رسائله.
ثانيها: جريان البراءة الشرعية في الجزئية ورفعها بأدلة البراءة الشرعية دون البراءة