الحديث رافعا لموضع دليل حرمة الخمر تعبدا وهو معنى الحكومة.
ومنها: حكومة الامارات على الاستصحاب على مبنى الشيخ (قده); وبيانه ان مفاد دليل اعتبار الامارة جعلها طريقا إلى الواقع فهي علم مجعول لا يعتنى بخلافه فقوله صدق العادل يدل بالمطابقة على لزوم الجرى على وفقه وبالملازمة على عدم الاعتناء باحتمال مخالفته للواقع والغاء ذلك الاحتمال; وحيث إن ذلك الاحتمال هو موضوع حكم الأصل كانت الامارة نافية لحكم الأصل عن موضوعه بلسان نفى موضوعه وهو معنى الحكومة.
فإذا شككنا في حرمة العصير بعد الغليان، فاحتمال الحلية والحرمة في الواقع موضوع للحكم بالحلية الظاهرية وهو حكم الأصل، فإذا أخبر العادل بحرمته فاحتمال الحلية الواقعية وان كان باقيا أيضا إذ الفرض ان الخبر ظني لا يفيد العلم ولكن مفاد دليل الاعتبار ينفى ذلك الاحتمال تعبدا ويحكم بعدم الاعتناء وعدم ترتيب اثره عليه وهو الحلية الظاهرية.
ومنها: حكومة بعض الأصول العملية على بعض كالاستصحاب على البراءة وتقريبه ان موضوع البراءة الشرعية هو الفعل الذي لم يرد فيه نهى بالفعل وحكمه هو الاطلاق والإباحة لقوله " عليه السلام ": " كل شئ لك مطلق حتى يرد فيه نهى "، فالمعنى كلما لم يرد فيه نهى بالفعل فهو حلال، فإذا فرضنا مشكوكا ثبت له نهى في السابق كالعصير الذاهب ثلثاه بالشمس فهو وان كان مشكوكا لم يرد فيه نهى بالفعل وحكمه الحلية الا ان دليل الاستصحاب وقوله من كان على يقين فشك فيه فليبن على يقينه حاكم بلزوم ابقاء النهى السابق وفرض هذا الموضوع مما ورد فيه النهى تعبدا فهو ناظر إلى دليل البراءة.
وبعبارة أخرى دليل البراءة مركب من جملتين مغياة وغاية والأولى كلما لم يرد فيه نهى فهو حلال والثانية كلما ورد فيه نهى فهو ليس بحلال، والعصير المذكور وان كان داخلا تحت الجملة الأولى دون الثانية وجدانا الا ان دليل الاستصحاب يخرجه عن موضوع الأولى ويدرجه في الثانية تعبدا وتنزيلا فهو حاكم على الجملة الأولى بنفي حكمها بلسان نفى الموضوع وعلى الجملة الثانية باثبات حكمها بلسان اثبات الموضوع،